محمد عبد الرحمنكاتب مصري يطالب بانسحاب مصر من مباراة الجزائر في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وجريدة مصرية تدعو إلى نبذ التعصب وتمتنع عن نشر التعليقات المسيئة للبلدين. هكذا بدأت الأصوات العاقلة في الظهور بعد أسابيع من سيادة الصوت العالي والنعرات العنصرية بين مصر والجزائر، البلدين اللذين تجمعهما روابط تاريخية قوية، وخصوصاً خلال حقبتي الستينيات والسبعينيات. لكن مباراة كرة قدم ستحدد المتأهل لكأس العالم في جنوب أفريقيا 2010، أفسدت ما جمعته السياسة وثبّته التاريخ في ذاكرة المصريين والجزائريين. وما زاد من سخونة الحرب الإعلامية بين الطرفين أنّ مصر تأهّلت لمونديال 1990 بعدما ربحت على الجزائر في مباراة جمعتهما في القاهرة وأنّ مواجهات عديدة بين البلدين في الملعب شهدت اعتداءات متبادلة بين الجماهير
واللاعبين.
وبينما كان الخيار العاقل غلق الملفات القديمة للخروج من المباراة العصيبة بلا كوارث تضاف إلى الملف، تفرغ المتعصبون هنا وهناك لتسخين الجماهير استعداداً لـ«يوم الحسم» كما أطلقت عليه معظم الصحف التي تتابع استعدادات «الفراعنة» و«الخضر». هكذا ردت الصحف الجزائرية بعنف على الإعلامي عمرو أديب واتهمته بإهانة المنتخب الجزائري عبر احتفاله المبالغ فيه بزيادة فرص تأهل مصر إلى المونديال بعد فوزها على زامبيا خارج القاهرة وفوز الجزائر بفارق هدفين فقط على رواندا في ملعب بليدة
الجزائري.

صحف تهاجم عمرو أديب وأخرى تهزأ من «بلد المليون شهيد»
ثم خرجت أصوات تقول إنّ الحكم المساعد في مباراة رواندا كان يتكلم اللهجة المصرية لأنّه أقام لسنوات في القاهرة، في اتهام صريح بالتواطؤ لمصلحة الفراعنة، قبل أن يتراجع الاتحاد الجزائري عن طلب التحقيق مع الحكم. في المقابل، شنت بعض الصحف المصرية هجوماً على لاعب جزائري قال إنّه سيأتي ورفاقه إلى القاهرة لركوب الجمل وزيارة الهرم. ولعب آخرون على عقدة عام 1990 وأنّ الفريق المصري قادر على إحراز ثلاثة أهداف في مرمى الجزائر. لكن لغة الرد وصلت إلى مستوى أدنى عندما سخر بعضهم من عبارة «بلد المليون شهيد» التي تطلق على الجزائر. وقال آخر إنّه لولا مصر، لما تحرر البلد الشقيق عام 1962.
غير أن الأصوات العاقلة بدأت بالظهور، وطالب فراج إسماعيل في جريدة «المصريون» بالانسحاب إذا كانت هذه المباراة ستؤثر على عروبة مصر، وذكّر المتعصبين بأنّ الجزائر هي أول دولة أوقفت تصدير النفط في حرب أكتوبر وأنّ رئيسها هواري بومدين عرض أموالاً طائلة على روسيا لإمداد الجيش المصري بما يحتاج من سلاح، فيما قررت جريدة «الشروق» المصرية عدم نشر أي أخبار تثير النعرات بين جمهور البلدين والامتناع عن نشر التعليقات المسيئة. ووجهت الجريدة دعوةً إلى باقي الصحف المصرية والجزائرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل المباراة الحاسمة وحتى لا تزيد نار الفتنة الكروية اشتعالاً.