لا تزال قضية برنامج مالك مكتبي تتفاعل في المملكة. وآخر الضحايا إعلاميّة حُكم عليها بـ60 جلدة، وأخرى تنتظر مصيرها
ليال حداد
يبدو أنّ مسلسل ملاحقة كل سعودي شارك من قريب أو من بعيد في حلقة «أحمر بالخط العريض» التي تناولت اللذة الجنسية، لن ينتهي قريباً. وآخر الفصول، كان الحكم على روزانا اليامي، منسقة البرنامج في جدة، بالجلد ستين مرة. لم يكن الحكم مفاجئاً، وخصوصاً لمن تابع الملفّ منذ بدايته، أي منذ عرض الحلقة على شاشة LBC الفضائية في تموز (يوليو) الماضي. يومها صدرت ردّات فعل غاضبة من داخل المجتمع السعودي، فأُقفلت مكاتب المحطة في المملكة في آب (أغسطس) الماضي. ثمّ حُكِم على الشاب السعودي مازن عبد الجواد بالسجن خمس سنوات وبألف جلدة بسبب «المجاهرة بالمعصية» كما نصّ الحكم. كذلك، نال أصدقاء عبد الجواد الثلاثة ـــــ ظهروا معه في شقّته ـــــ نصيبهم من العقاب، فحُكم عليهم بالسجن سنتين وبالجلد 300 مرّة.
عند هذا الحدّ، ظنّ الجميع أن الملفّ أُقفل، ولم يتوقّع أحد أن يصل العقاب إلى الإعلاميين! إلا أنّ التحقيق مع سوزان اليامي وإحدى زميلاتها، ثم صدور الحكم بالأولى يوم السبت، جاء ليؤكّد أنّ ملاحقة «المتورّطين» في الحلقة لا يزال مستمرّاً. أما المتهمة الثانية (المشار إليها بـ«أ.ن»)، فطالبت بتأجيل النظر في قضيتها حتى انتهائها من فترة الحمل.

أكّدت روزانا اليامي أنّ الحكم لم يصدر بسبب حلقة «اللذة الجنسية»
وكانت الإعلامية روزانا اليامي قد أكّدت أنّ الحكم لم يصدر بسبب حلقة «اللذة الجنسية»، بل إن القاضي أسقط كل التهم المتعلقة بأي دور لها في البرنامج. وأضافت أن تهمتها الوحيدة هي «العمل بدوام جزئي في المحطة التي رأى القاضي أنها لا تملك الترخيص المناسب للعمل في المملكة». وتساءلت الصحافية السعودية عن صحة هذا الاتهام الموجّه إليها، «وخصوصاً أن وزير الإعلام نفسه ظهر على هذه المحطة قبل أسبوعين»، معلنةً أنها لن تستأنف الحكم «خوفاً من أن يصدر عليها حكم أقسى».
وفي ظلّ هذه البلبلة التي أثارتها حلقة «اللذة الجنسية» وما تلاها من تطوّرات قضائية، لم تُصدر المحطّة أي بيان أو موقف. هكذا، تعاطى العاملون في البرنامج مع الحدث كأنّه يحصل في مكان آخر، وامتنع المنتج مازن اللحام عن التعليق قائلاً: «لا يحقّ لنا الإدلاء بأي تصريح في الموضوع». كذلك رفضت إدارة LBC منذ اندلاع الأزمة التعليق على الموضوع، واكتفى رئيس مجلس إدارتها بيار الضاهر بالقول إنّ المحطة تسعى إلى إعادة فتح مكتبها قي جدّة.
في هذا الإطار، يقول مصدر من داخل «المؤسسة اللبنانية للإرسال» إنّ الامتناع عن عرض الموسم الثالث من «أحمر بالخطّ العريض» على الشاشة الفضائية، كان نوعاً من أنواع الصفقة مع السلطات السعودية، في محاولة لاسترضائها. لكن يبدو أنّ الصفقة لم تنجح في ظلّ استمرار ملاحقة العاملين في البرنامج. ويصف المصدر موقف المحطة من هذه الملاحقات بـ«النذل»، وخصوصاً أنّها لم تكلّف نفسها تعيين محامٍ للدفاع عن مازن عبد الجواد أو روزانا اليامي. ولا يقف غضب المصدر هنا، بل يتساءل: «كيف يمكن مالك مكتبي أن ينام وهناك أشخاص سيُجلدون بسبب برنامجه؟».
هل تقف القضية عند هذا الحدّ؟ أمّ أنها مرشحة للتفاعل؟ وهل يكسب مالك مكتبي ثقة المجتمع السعودي مجدداً عبر ابتعاده عن القضايا الساخنة والمحرّمات؟ وإذا كان الواقع كذلك، فهل يُعَدّ ذلك نقطةً سجّلها التيار المحافظ الذي يبدو أنه يستعيد سلطته في المملكة ليطال الإعلام وحريته؟