ويني» تنتظر شخصياً في زاوية شارع. تنظر إلى ساعتها. ـ «ويني» على انفراد: لن يأتي...
يقترب منها رجل يلبس معطف سائق أبيض وقبعة لها واق للوجه. تتراجع خطوات إلى الخلف، ثم تهرع نحوه.
ـ «ويني»: كيف؟ أنت هو؟ هنا، في عزّ النهار؟ في وسط المدينة، بينما تلاحقك الشرطة أينما ذهبت؟ لم أتعرّف عليك في البدء. كم أنت جميل في تنكّرك! يقبلان بعضهما، ثم يغادران الخشبة. «ويني» تعود وحدها.
ـ «ويني» على انفراد: عندما تزوّجنا، كان على أهبة المثول أمام المحكمة بتهمة الخيانة. كان عليه أن يكون كل صباح في بريتوريا، وأنا كنت في أورلاندو. كان في أغلب الأحيان يبيت في أورلاندو لتحضير مرافعاته برفقة محامين آخرين. لم يكن لديه الوقت ليأكل. كان عليّ أن أجبره. وكان يجلس ويشرع في الأكل، ثم يرن الهاتف فيذهب على جناح السرعة لإخراج هذا أو ذاك من مركز الشرطة بكفالة مالية. عندما يكون غائباً، أستقبل أنا، بالنيابة عنه، صفّاً طويلاً من الناس الذين لديهم أقارب أو أصدقاء مسجونون. لم يكن لديه الوقت الكافي ليدرك إلى أي حدّ أنا نفسي متورطة في النضالات نفسها. لم أطلب منه قط إن كان عليّ أن التحق بتظاهرات النساء. المشكلة أنه نادراً ما يشتغل، وأجرتي أنا لا تكفي سوى لإطعامنا. وكنتُ أعرف أنني سأضيّع منصب عملي إذا تظاهرت. لكنني فعلتُ، واعتُقلت ثم طُردت من علمي، بعدما كنتُ أول مساعدة اجتماعية سوداء في البلاد. هو لم تكن لديه أموال أبداً. إذا ترافع في قضيتين أو ثلاث، وقبض بعض المال، يهدي بناته فساتين جميلة، وكفى! كنا نقتات فقط بالفواكه، وكان يقول إنها مفيدة للصحة...
مانديلا يدخل مجدداً، ويقوم بدورات عديدة حول الخشبة بخطى رياضية. يتبعه عن بُعد شرطي بثياب مدنية.
ـ «ويني» على انفراد: دائماً وراءه شرطي منذ أن يغادر البيت. نعيش دوماً تحت المضايقات.
مانديلا ينهي حركاته الرياضية ويلتحق بـ«ويني» التي تقف وراءه وتمسّد ظهره بقوة:
ـ «ويني»: هل ستذهب؟
ـ مانديلا: نعم، الآن حالاً
ـ «ويني»: إذن، جئت لأراك تعرق!
ـ مانديلا: إنّها اللحظة الوحيدة التي يمكنني أن أراكِ فيها.
يجتاز خشبة المسرح شرطي ثان يلتحق بالأول.
ـ «ويني»: أنا أيضاً مراقبة..
مانديلا يستعد.
ـ «ويني»: هل ستذهب الآن؟
ـ مانديلا: نعم، سأترك لكِ شرطيك، وآخذ شرطيّي!
يغادر الخشبة يتبعه الشرطي الأول. بينما يبقى الثاني يراقب «ويني» عن بعد.
ـ «ويني»: إنّها الحياة، هكذا نحن دائماً. عندما يغادرني زوجي، يبقى لي شرطيّي!


* من آخر نص مسرحي، غير مكتمل، لكاتب ياسين، 1989
(تعريب أحميدة عياشي)