انتهت الانتخابات في بلد الطاهر الحداد، لكنّ ردود الفعل على التغطية الإعلامية لم تنته بعد، آخرها تقرير يشير إلى «إخلال بمبادئ التوازن والحيادية»
تونس ــ سفيان شورابي
مرة جديدة، فشلت تونس في تحقيق قفزة ديموقراطية. مع انتهاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأحد الماضي، بدا واضحاً أنّ مشوار التخلّص من عباءة الانغلاق السياسي والإعلامي، الذي تميّزت به فترة حكم الرئيس زين العابدين بن علي، لا يزال في أوّله.
ونتيجة هذا الانغلاق، صدر تقرير عن مجموعة من الجمعيات التونسية غير الحكومية التي ألّفت فريقاً لمراقبة التغطية الإعلامية خلال الانتخابات. ولعل أهم ما خلص إليه التقرير هو أن التوجهات التي برزت خلال الحملة الانتخابية لهذه السنة أكدت ما سبق ولوحظ في انتخابات 2004. وأبرز هذه الملاحظات: هيمنة «التجمع الدستوري الديموقراطي» (الحزب الحاكم) ومرشحه على الفضاء الإعلامي (97,22% سنة 2009 مقابل نسبة 92% في سنة 2004)، وثانيهما: تهميش المعارضة الديموقراطية من خلال منح مرشح «حركة التجديد» أحمد إبراهيم 0,22% من التغطية الإعلامية. ولم يكن وضع الصحف المكتوبة أفضل. إذ حصل بن علي على حصّة الأسد من التغطية.
ولحظ التقرير أيضاً أنّ الصحف التي تسمى «مستقلة»، أعلنت منذ البداية تأييدها لمرشح الحزب الحاكم أي زين العابدين بن علي في الانتخابات الرئاسية. هكذا، نشرت صحيفة «الصباح» يوم 2 أيلول (سبتمبر) الماضي بلاغاً أعلنت فيه دعمها لترشح بن علي، كما نشرت الصحيفة يوم 21 تشرين الأول (أكتوبر) ملحقاً من 228 صفحة لم يكن سوى بروباغندا لبن علي. من جانبها، أعلنت مجموعة صحف «دار الشروق» عن مساندتها الرئيس التونسي في افتتاحية نشرتها رئيسة الدار سعيدة العامري يوم 13 أيلول (سبتمبر)
2009.

حظي زين العابدين بن علي بـ 97،22 % من التغطية الإعلامية


من جهة ثانية، خضع صحافيون يعملون في وسائل إعلام حكومية وخاصة إلى ضغوطات خلال الحملة الانتخابية. إذ أصدرت إدارة صحيفتَي «لا براس» (الناطقة بالفرنسية) و«الصحافة» الحكوميتَين أوامرها إلى جميع الصحافيين بالامتناع عن تغطية الحملة الانتخابية والاكتفاء ببرقيات وكالة «تونس أفريقيا للأنباء» الحكومية. ويوم 15 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، تعرض عضو الهيئة المديرة لنقابة الصحافيين زياد الهاني للاعتداء بالضرب. كما تعرض الصحافي الألماني طوماس شميد إلى عملية تفتيش دقيقة في المطار وصودرت وثائقه.
على صعيد آخر، ذكر التقرير أنّ قيوداً إضافية فُرضت على صحافة المعارضة خلال الحملة الانتخابية، فكانت صحيفتا «الطريق الجديد» و«مواطنون» المعارضتان عرضة للرقابة المسبقة. إذ تلقت المطبعة أمراً من وزارة الداخلية بعدم تسليم الصحف إلا بعد تلقي الإذن منها. وتعرض عدد يوم 9 تشرين الأول (أكتوبر) من صحيفة «الطريق الجديد» إلى المصادرة من السلطات بحجة أن البيان الانتخابي لـ«حركة التجديد» قد نُشر فيه!
ولم تسلم البيانات الانتخابية لعدد من المرشحين من المصادرة من المطابع. كما تعرض مرشحو المعارضة إلى مراقبة مسبقة لخطاباتهم التي ينقلها التلفزيون والإذاعة الرسميتان. وحُذف عدد من المقاطع المسجلة ولم تبث كلمات مرشحين آخرين نظراً إلى تضمّنها عدداً من الآراء النقدية اللاذعة.
وانطلاقاً من كل ما سبق، يبقى ما ذكره التقرير عن أنّ تغطية الانتخابات في وسائل الإعلام التونسية تضمّنت «إخلالاً واضحاً بمبادئ التوازن والحيادية»، هو خير معبِّر عن «ديموقراطية» الرئيس المجدّدة ولايته.