سناء الخوريفي لوحة «حدود المدينة» شكل بانورامي لحطام، لك أن تتخيّل فيه ما تشاء. فرش، حقائب، تنك، أكياس... على خلفيّة بلون الشفق، وضع محمد سعيد بعلبكي (1974) تلّة من ذكريات التهجير بالألوان الزيتيّة. في معرضه «حطام الصور» الذي افتتحه في الـ«دوم» (وسط بيروت/ «سوليدير»)، يقدّم التشكيلي الشاب استعادة قاسية لمحطات من التنقُّل المستمر. أكثر من 40 لوحة، احتضنتها السينما البيضاوية المتهاوية، استرجع فيها التشكيلي المقيم في ألمانيا، لمحات من سيرته الذاتية. سيرة تعبق بالتهجير، والحرب، والملاجئ، والبحث عن الاستقرار. إنها أسطورة التهجير تلك التي يخطّها بعلبكي في لوحاته الكبيرة والمتوسطة، التي رسمها بين 2006 و2009.
من الناحية التقنية، نلاحظ إمعاناً في رسم المربعات والمستطيلات المكدسة. في «ضاحية» يختفي شكل جرّار يحمل أمتعة، تحت ثقل حقائب السفر العملاقة. في «بقايا» جبلٌ آخر من الركام المربع، يشبه عمارةً ممعوسة، مع ومضات من تلك الحقائب المشؤومة التي تلاحق الريشة في جميع اللوحات. كأنّ الحقيبة هي الموضوع الرئيسي للتشكيلي الذي درس الرسم في معهد الفنون الجميلة في بيروت، قبل

نيغاتيف جسد معلّق هو تحوير زيتي لصورة شهيرة من معتقل أبو غريب

أن يستقر في برلين ويدرس في معهد Art context. في لوحات أخرى، نرى شكلاً آخر يسيطر على الحطام. سترات أنيقة قاتمة، معلقة فوق الأشلاء. يرسم حولها شرشفاً أبيض، وزورقاً ورقياً ومذياعات. هل هي رمزٌ لسلطة، أو لجسد فقدته الأمتعة، أو لقوّة خفيّة تطغى على المصائر؟ تتسلل إلى بعض هذه اللوحات، أطراف نسائية. نرى ساقاً رشيقة هنا وهناك، ترتفع جواربها إلى ما فوق الركبة. تضيع العين في عجقة الأشياء المتراكمة، فلا تعود تعرف إن كانت الكدسات قمامة، أو بقايا منزل، أو حطام ذاكرة. ريشة «بعل»، كما يلقّب التشكيلي الشاب نفسه، مهووسة بالمتتاليات. في «فحم»، سلسلة من ثلاث لوحات، عبارة عن كدسة فحم، هي صورة ونيغاتيف: تلّة بيضاء، وتلة سوداء، وأخرى كحليّة. سلسلة أخرى، تحمل عنوان «برقع»، هي غطاء الوجه نفسه بألوان مختلفة. في «ضرر جانبي» أيضاً، صورة ونيغاتيف عن جسد معلّق هو تحوير زيتي لصورة معتقل أبو غريب الشهيرة. يرسم محمد ذكريات تنضح بآلام معاصرة. يخترع رموزاً تحكي عن المرميين على قارعة الطريق، وعن الأشياء العامّة الحميمة للخائفين والمقموعين.


حتّى الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) ـــــ فضاء الـ«دوم» (وسط المدينة). للاستعلام: 01/980650