بشير صفير
ظهر في السنوات الأخيرة العديد من المغنيات اللواتي يُنسب أسلوبهن إلى الجاز أو أنماط تدور في فلكه. هذه الموجة الجديدة التي تكللت بالنجاح الشعبي نظراً إلى الدعم الكبير الذي تلقته من الشركات الكبيرة ووسائل الإعلام، ما هي إلا توليفة مخفَّفة للجاز المغنى العريق، تناسب متطلبات السوق الاستهلاكي. هذا موسيقياً. أما لناحية الأصوات، فقلما نجد صوتاً ضعيفاً أو سيئاً. الأصوات جميلة، متمرِّسة، لكنها تفتقد إلى صدق أداء المغنيات (السود) الكبيرات وفرادتهن. آخر الأسماء التي بدأ السوق يتداولها هي المغنية الأميركية ميلودي غاردو، التي غيَّر حادثٌ مؤلمٌ حياتها وهي في مقتبل العمر. غاردو المولودة عام 1985، صدمتها



مقطع من "your heart is as black as night"







سيارة خلال نزهة كانت تقوم بها على الدراجة الهوائية، وتركتها تنزف وسط الشارع. أقلَّها أحد المارة إلى المستشفى حيث خضعت لعلاج طويل خرجت منه معطوبةً: حساسية عالية على الأصوات والأضواء! كانت ميلودي ملمة بالغناء والموسيقى لكنها لم تكن تنوي خوض غمار الفن. غير أن الحادث حرك فيها هذا الاهتمام، فراحت تكتب وتلحن الأغاني في سريرها. أصدرت بعد تعافيها ألبوماً قصيراً، تلاه ألبومان، آخرهما صدر هذه السنة. حمل جديدها عنوان My One and Only Thrill، وحوى مجموعة أغانٍ خاصة، تجول فيها بين عوالم عدة،

My One and Only Thrill جولة في عوالم عدة، من الجاز الهادئ إلى الفولك والبلوز

بين الجاز الهادئ الخفيف والفولك والبلوز. أما الإعداد الموسيقي فتولاه المنتج المعروف لاري كلاين الذي عمل قديماً مع زوجته السابقة، المغنية الكندية جوني ميتشل وبعض رموز الجاز، كما برز في السنوات كمنتج لمادلين بيرو. تمرّ كل أعمال ميلودي غاردو بسلاسة لافتة، فيستفز هذا الأمر المستمع سلباً في بعض العناوين وإيجاباً في بعضها الآخر. الإعداد الموسيقي، وهو العنصر الأدق هنا بما أنّ الألحان جيدة بمعظمها (وكذلك النص)، تتخلله لحظات رائعة وأخرى مملة وما بينهما، وخصوصاً عندما يجترّ المعِدّ جملاً للوتريات لا جديد فيها إطلاقاً. من جهة ثانية، يقع المستمع على محطات بسيطة، منمّقة، لا تحوي إضافات بلا جدوى. كل هذا يظلله صوت ميلودي غاردو، المشبع بالحزن والألم، والمناسب لألحانها خاصة. لكن ينقصه ما ينقص معظم المغنيات البيضاوات. إنه العنصر الذي يؤثر في النبرة الصوتية، ويجعل من هذا الأسلوب لصيق جذوره وبيئته الأصلية السوداء.


■ للاستماع إلى نماذج من الأعمال التي تناولناها في الصفحة، زوروا موقعنا:
www.al-akhbar.com