يتوقَّع المرء أن يكون الاحتلال الإسرائيلي هو العائق الوحيد أمام ازدهار الحركة المسرحيّة الفلسطينيّة في القدس. لكنّ الخلافات الداخليّة التي طفت على السطح أخيراً جاءت لتذكّرنا بالحقيقة المرّة. خلال 20 عاماً بقيت إدارة «المسرح الوطني الفلسطيني ـــــ الحكواتي» (القدس) نفسها... حتّى ضاقت مجموعة من الفنانين والفرق ذرعاً بالوضع، وأطلقت حملةً تدعو إلى وضع حد لهذا الركود، بعد سنوات من «المعاناة المريرة مع إدارة لا تقوم على أساس ديموقراطي وتفتقر إلى المهنية اللازمة»، كما جاء في البيان الذي وقّعته فرق وشخصيات مسرحيّة مقدسيّة. اتهم موقّعو البيان إدارة المسرح، ممثلةً بمديره جمال غوشة، بارتكاب «أخطاء قاتلة»، أبرزها وضع نفسها في منافسة مع المسرحيين، وتفرّغها لمحاكمتهم «بأساليب سلطوية بعيدة عن روح الإبداع والعمل الثقافي الجماعي».مسرح «سنابل» الشعبي و«مسرح الرواة المقدسي» و«فرقة الحكواتي» (فرنسوا أبو سالم ــ الصورة) ـــــ الفرقة التي أسّست المسرح عام 1984 ـــــ عانت طويلاً من تفرّد غوشة بالقرار، كما جاء في البيان. لكنّ الشعرة التي قصمت ظهر البعير، تعود إلى شهر تموز فرق وشخصيات أطلقت حملةً أهليّةً بهدف تغيير إدارة المسرح الوطني الفلسطيني
(يوليو)، حين منع مدير «المسرح الوطني» عرض مسرحية «الأحداث الأليمة في حياة أبو حليمة» لعدم تمكّن فرقة «مسرح الرواة» من دفع البدل المالي للمسرح. يومذاك اعتصم الجمهور الذي كان ينتظر العرض احتجاجاً، ودعا محمد صبيح مدير «مسرح الرواة» إلى إطلاق حملة أهليّة لتغيير الإدارة، كي يعود المسرح الوطني «مؤسسةً وطنية عامة، من حق الفرق المسرحية الفلسطينية استخدامها خارج علاقة المستأجر والمؤجّر».تجدر الإشارة إلى أنّ الإيجار الذي تطلبه الإدارة الحاليّة مقابل العرض الواحد، يصل حدّاً لا يمكن أيّ فرقة محليّة تحمّله، ما يجعل الفضاء حكراً على المؤسسات الأجنبيّة، فيما «المسرح الوطني» يعرّف بنفسه على موقعه بأنّه «مؤسسة ثقافيّة فلسطينيّة غير ربحيّة». الأزمة الماليّة التي تعصف بالمسرح، هي غالباً الحجة التي يقدمها غوشة لتبرير الأجرة. فيما لفت البيان إلى أنّ «الأزمة الإدارية المزمنة» هي المشكلة الأساسيّة التي تعوق المسرح عن أداء دوره «في مدينة القدس المحتلة عاصمة الثقافة العربية لهذا العام». إنّها القصّة الحزينة نفسها... كيف تنمو الثقافة الفلسطينيّة بين مطرقة القمع الإسرائيلي، وسندان الاستئثار بالسلطة من الجانب الفلسطيني؟
موقع العريضة:
www.ipetitions.com/petition/reformPNT/index.html
موقع المسرح: www.pnt-pal.org