بسام القنطار يتعرض الجزء الرابع من «باب الحارة» لسلسلة من المدح والنقد. إضافة إلى استبعاد ممثلين واستبدال آخرين، لا يزال المسلسل يعج بالمغالطات التاريخية وضعف النسق الدرامي. لكنّه يستقطب نسبة مشاهدة قياسية، وخصوصاً مع توجه جزئه الرابع إلى التركيز على مقاومة الاحتلال الفرنسي. ولعل النقد الذي وجهه الممثّل «المختفي قسراً» سامر المصري كان الأقسى بحق المسلسل. إذ اتهم بسام الملا «بممارسة عمليات احتيال ونصب على المشاهد العربي» عبر عملية البحث عن العكيد أبو شهاب طيلة المسلسل وقد اعتبرها المصري «الخط الدرامي المشوق الوحيد في العمل». إلا أنّ عملية النصب الحقيقية تكمن بأنّ المسلسل يقدّم ــــ عبر أحد الإعلانات التي ترعاه ــــ صوراً مناقضة للأحداث التي تدور فيه.
إعلان «الإرهاب» الذي تبثه MBC1 ويفصل بين مشاهد المسلسل، يقدم نفسه كمرشد للجمهور العربي وتحديداً العراقي، عبر شخص مقتدر يوزع زكاته على الفقراء. وبعد أن يقدم زكاته إلى مدير دار أيتام، يفاجأ المشاهد بأنّ الدار ترتبط عبر سرداب بمخبأ لـ«إرهابيين» يحملون السلاح والعبوات، يقدم لهم مدير الدار المال. وينتهي الإعلان بعبارة تحذيرية: كي لا تقع زكاتك بيد المفسدين في الأرض.
ينتهي الإعلان، فيعود المشاهد إلى أحداث المسلسل. البنادق التي يحملها معتز ورفاقه لا تختلف عن تلك التي يحملها «المفسدون في الأرض». وقنابل الزيت والكاز ومشاعل النار تؤدي الدور نفسه الذي تقوم به العبوات الناسفة في الإعلان. وها هو الضابط الفرنسي يصرخ: «أريد اعتقال المخربين. إذاً شباب «باب الحارة» مخرّبون من وجهة نظر فرنسية، تماماً كما الإعلان الموجه أميركياً ينظر إلى المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان.
إنّه السم والعسل يقدمهما المسلسل وإعلانه. هل مقاومة الاحتلال إرهاب وتخريب؟ الأنفاق التي يُهرَّب عبرها السلاح إلى أهالي غزة، تؤدي دور قنوات جر المياه إلى «باب الحارة» ومختار حارة الماوي الذي يجمع المؤونة يلعب دور مدير دار الأيتام في الإعلان. الفرق أنّ المسلسل يصوِّر المتبرع والمهرِّب كمدركين لفعلتهما. أما في الإعلان، فالمتبرع مخدوع وغير عارف بمصير زكاته.
ولعل التعليقات التي ترد على مواقع الإنترنت تعبّر عن مساهمة القناة السعودية في تسخيف فكرة مقاومة الاحتلال. بسام الملا، برأي أحد المعلقين، يمارس حقّاً عربياً في القمع والإقصاء والإماتة. ولو كان مكانه، لقتَل جميع أهل الحارة باستثناء «أبو بدر» ثمّ سلّمه بندقية ليبدأ الثورة ويكون شعاره في الانتقام: لعيونك يا فوزية!