بيار أبي صعبعبثاً تبحث عن ميشال سعادة في كتابه. لن تجد سوى صفحات قليلة بقلمه (18 من أصل 336)، هي خليط من الإطناب والتعميم والإنشائيات التي لا تحمل خطاباً. من هو هذا الرجل، وماذا جاء يفعل هنا؟ لقد جمع ما تيسّر له من دراسات ومقالات واختلاجات كتبها آخرون عن محمود درويش بعد رحيله في 9 آب/ أغسطس 2008، وصنّفها في ثلاثة أقسام. ثم صدّر الكتاب بقصيدة لصاحب «الجدارية» بعنوان «إلى القارئ» من «أوراق الزيتون»... تتلوها «سيرة الشاعر ووصيّته». عجباً، هل ترك درويش وصيّة؟ كلا طبعاً، إنها لعبة أدبيّة أيها القارئ الفطن! هناك مقتطف من «ذاكرة النسيان»: «أريد جنازة حسنة التنظيم، إلخ»، ونصّ نُشر بعد رحيله «عن المنفى». هذا الجهد التجميعي، كان كافياً كي ينزل إلى المكتبات، عن «دار الريّس»، كتاب بتوقيع ميشال سعادة هو «محمود درويش، عصيّ على النسيان».
يقدّم لنا «المؤلّف» في مقدّمته ثماني إجابات عن سؤال بديهي: لماذا هذا الكتاب؟ تتراوح بين «ليس هناك انفجار آخر غير الكتاب»، و«درويش شاعر الوجود»، و«الكلام أو الموت»، و«عربون وفاء لأمّه حوريّة»... وصولاً إلى اعتبار «هذا الكتاب نموذجاً توثيقياً، فالتوثيق أصبح اليوم علماً حقيقياً بكل تقنياته...». لسنا بوارد مناقشة ميشال سعادة في علم التوثيق وأصوله ومنهجيّته، ولا في مسألة الملكيّة الفكريّة. لم يكن الكتاب ليحتمل أية إشارة أساساً، لولا أنّه يحمل اسم شاعر كبير، ولولا أنّه صادر عن ناشر مرموق هو ناشر درويش الأخير. في الصفحة331 نتعرّف أخيراً إلى «المؤلّف»: رئيس قسم شؤون دبلوم الدراسات العليا في كليّة التربيّة حتى عام 2003، وضع دراسات وأبحاثاً نقديّة ومجموعات شعريّة كلّها تحت الطبع.