يُختتم مساء اليوم المهرجان الإيطالي باعلان الرابح بجائزة «الأسد الذهبي». عروض الدورة الـ66 ضمّت فيلماً عن الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 امتلأ بالرسائل وآخر إيرانياً صوّر المرأة المحاصرة بالتقاليد
البندقية ــ محمد رضا
لبنان هو مسرح أحداث الفيلم الإسرائيلي الذي يحمل الاسم ذاته وعُرض أخيراً ضمن «مهرجان البندقية السينمائي الدولي» (فينيسيا) في دورته الـ66. المخرج صاموئيل ماعوز صنع هنا شريطاً مزج فيه بين ذكرياته الخاصة كجندي خلال اجتياح لبنان عام 1982 وبين خيالاته كما اعترف. لكن الأكيد أنّ نسبة الخيال كانت أعلى من الواقع. تدور معظم مشاهد الشريط داخل دبابة إسرائيلية خلال الاجتياح، مصوّراً الجنود الإسرائيليين كحمائم سلام يحاربون السوريين على أرض لبنان! وحين يُلقي الجيش الإسرائيلي القبض على جندي سوري كان يتصدّى للدبّابة، يسأل أحد أفراد طاقمها: «لماذا السوريون هنا؟». طبعاً، يود المطلّع ـــــ لا الناقد الغربي المحمّل بإعلامنا العربي الفاشل ـــــ أن يرد عليه رفيقه في السلاح، فيقول شيئاً من قبيل: «بل لماذا نحن هنا؟». لكن هذا لا يحدث لأن سبب طرح السؤال هو لوم السوريين على وجودهم في لبنان بينما لا يود الفيلم البحث في سبب غزو إسرائيل للبنان. هكذا، تحصر الكاميرا نفسها طوال الوقت داخل الدبّابة حيث نرى داخلها حمائم سلام وخصوصاً ذلك الذي يقف وراء المدفع ويخشى إطلاق النار لأنه لم يسبق له أن فعل ذلك.
باختصار، الشريط الذي يشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان، يحاول تمرير رسائل عديدة بينها أن المقاومين (لا يحدد هويّتهم لكنه يدّعي أنهم غير لبنانيين أيضاً) هم الذين يبادرون دوماً الى إطلاق النار على الإسرائيليين ويحتمون بالأطفال ويقتلون الأبرياء.
أما الفيلم الإيراني «نساء بلا رجال» الذي عُرض أيضاً في المسابقة، فيتناول حقبة من التاريخ الإيراني القريب لم تتطرق إليه السينما الإيرانية إلا نادراً. المخرجة شيرين نشأت تنجز هنا شريطاً شعرياً يحمل هدوءاً شديداً وقدرات مفاجئة. يتناول الفيلم قصة أربع نساء ينشدن التغيير ولا يستطعنَ لأنّ النظام والتقاليد الاجتماعية تفرض عليهن البقاء تحت الحظر. تعود المخرجة الى اضطرابات 1953 ومرحلة الانقلاب الذي ساندته الولايات المتحدة وبريطانيا لإطاحة حكومة محمد مصدق المنتخبة ديموقراطياً وإعادة الشاه إلى السلطة والتصدّي للحركات الشبابية (والشيوعية تحديداً) وسحقها.
شيرين تبدو متحمّسة لذلك التغيير الذي طرحه اليسار الإيراني. وها هي تُسقط أحداث شريطها على الأحداث التي شهدتها إيران أخيراً على خلفية فوز محمود أحمدي نجاد بالرئاسة، إذ صرّحت على هامش عرض الفيلم في المهرجان «الكفاح من أجل الديموقراطية وحقوق المرأة في إيران كانا أمرين محوريين في احتجاجات الشوارع التي أعقبت انتخابات الرئاسة في حزيران (يونيو) الماضي».
«نساء بلا رجال» يسحبنا الى عالم مضى وزمن غابر لكنه يفتح الأعين على رغبة المخرجة في القول إنّ المشاكل الناتجة عن وضع المرأة في المجتمع المقيّد كانت موجودة آنذاك ولا تزال حتى اليوم.