ليال حداديخرج صوت المرأة متردّداً من خلف نقابها الأسود. تروي حكايتها من وزيرستان إلى الإسكندرية مروراً بتفاصيل عذابها اليومي مذ حطّت رحالها في مصر. إنها رقية مدحت ابنة صانع المتفجرات، القيادي في تنظيم «القاعدة» أبي خباب المصري الذي قتل في غارة في باكستان عام 2008 مع ابنه وصهره (زوج رقية) وحفيده (ابنها). تحاول مديرة الأخبار في قناة «الآن» نسرين صادق، استخراج الاعترافات من فمها، لكنها لا تنجح دائماً. فرقية امرأة بسيطة، لا تعبأ كثيراً بدور والدها وزوجها في «القاعدة».
ما سبق مشهد صغير من الحلقة الأولى لبرنامج «القاعدة المهجورة» الذي بدأت قناة «الآن» عرضه قبل أسبوعَين. الموضوع جريء يطرح للمرة الأولى في الإعلام العربي ضمن سلسلة وثائقية حاولت تسليط الضوء على معاناة عائلات «المجاهدين» في «القاعدة». هؤلاء الذين عاشوا على الهامش وسيقوا إلى حياة لم يضربوا لها حساباً. نساء وأولاد وأمهات وآباء يتوقّع أن يرووا خلال الحلقات المقبلة من الوثائقي معاناتهم مذ أصبحوا ـــــ بإرادتهم أو بدونها ـــــ جزءاً من تنظيم مطارَد دولياً.
«هدفنا إلقاء الضوء على معاناة العائلة التي تترك في الخلف حين يقرر معيلها أن يرحل للحرب العالمية التي تشنّها الجماعات المتشددة. ماذا يحدث لهذه العائلة؟ ماذا يحصل للنساء والأطفال وكيف يعيشون؟»، تقول نسرين صادق لـ«الأخبار». وتؤكّد أن العمل على السلسلة استمرّ أشهراً بسبب صعوبة البحث والتقصّي والمحاولات المتكررة لإقناع العائلات بالحديث.رغم الجهد المبذول، تبدو بعض الثغر واضحة في العمل، إذ تركّز مثلاً رقية مدحت في حديثها على تفاصيل صغيرة من حياتها «أولادي يحبون المحاشي»، «أنا أحب الشاي كثيراً» وغيرها من التعليقات التي قد لا تهمّ المشاهد. هي ربما محاولات لإظهار نساء «القاعدة» بصورة إنسانية، أو «تكتيك» إعلامي لكسب ثقة رقية وأولادها بغية الوصول إلى ما هو أكثر تشويقاً. تتكتّم صادق عن الحلقات المقبلة، مكتفية بالقول إنّ فريق العمل سيزور أكثر من دولة عربية ويقابل عائلات مقاتلين في «القاعدة».
طبعاً، ينفي فريق العمل وقوفه إلى جانب تنظيم «القاعدة» أو ضده، لكن مخاطر كثيرة تحيط به. فالموضوع حساس، كما أن الدخول إلى مجتمع مغلق كمجتمع أولئك النساء ليس سهلاً «لكننا نقوم بعمل إنساني إعلامي ونحاول مدّ يد المساعدة للنساء والأطفال».
إلى جانب عرض الشهادات، يقوم العمل بتوثيق حياة مقاتلي «القاعدة» عبر التعريف بكلّ مقاتل قبل الانتقال إلى الحديث مع أفراد عائلته، ما قد يجعل من السلسلة مرجعاً مهماً عند الحديث عن رجال «القاعدة».

كل أحد 22:15 على «الآن»