سناء الخوريترافق الكاميرا طفلةً تركها والدها مع شقيقتها في ميتم، فتنقل نظراتها الفاحصة لأزياء الراهبات وقبعاتهنّ البيضاء العجيبة. منذ المشاهد الأولى لـ«كوكو قبل شانيل»، تدعونا المخرجة آن فونتين إلى رؤية العالم بعيني بطلتها. غابرييل تصبح سريعاً شابةً تغنّي في إحدى الحانات، حيث تلتقي إيتيان بالزان الارستقراطي الذي سيشرع أمامها أبواب المجتمع المخملي. وفي خط سردي مستقيم، نصل إلى قصة عشق جمعت الفتاة الاستثنائية برجل الأعمال الإنكليزي بوي كابيل الذي يحتضن موهبتها ويساعدها على افتتاح أول متجر باسمها. وحدها وفاة بوي في حادث سيارة، تخرق الخط الرتيب للأحداث، وتضعنا مباشرةً أمام كوكو، في خطواتها الأولى على سلّم الشهرة. في الشريط الذي وصل الصالات اللبنانيّة، ترسم المخرجة الفرنسيّة على طريقتها «بورتريه» لشابة جريئة وعنيدة، تنجح في فرض خياراتها على مجتمع تقليدي يحاصرها. تنبش ملامح العظمة في خياطة مغمورة، ستصبح أسطورة الموضة بدءاً من منتصف العشرينيات حتى رحيلها عام 1971 عن 87 عاماً.

حبكة تغوص في التفاصيل العاطفيّة، من دون أن تتخطّى عموميات سيرتها المعروفة

مقاربة فونتين لصاحبة «دار شانيل» ليست الأولى. إذ احتضنت خشبة برودواي عملاً فنياً يروي سيرتها، أدته أودري هيبورن عام 1969. ولم تصل صاحبة العطر الأشهر «شانيل رقم 5» إلى السينما، إلا مطلع الثمانينيات مع «شانيل وحيدة» لجورج كازندر، وأغنيته بصوت ميراي ماتيو. والعام الماضي، عادت كوكو إلى الشاشة في إنتاج تلفزيوني أميركي ضخم حمل اسمها، من بطولة شيرلي ماكلاين. جسدت الممثلة المخضرمة شخصية شانيل السبعينيّة التي تستعيد بداياتها في تقنية فلاش باك. أمّا «كوكو قبل شانيل»، فيضع نفسه في مكان آخر: عمل روائي يبغي توثيق مرحلة مجهولة من حياة عملاقة الموضة. أمام هذا الخيار، اختلف الاستقبال النقدي للعمل. بعض النقاد أثنى على الدقّة في اختيار الأزياء والديكور، وعلى أداء أودري توتو التي نجحت في التقاط صلابة كوكو وعنادها. في المقابل، تحفّظ بعض النقاد على حبكة تغوص في سرد التفاصيل العاطفيّة، من دون أن تتخطّى العموميات المعروفة في سيرة شانيل. بعضهم هزئ من تسجيل عبثي ورومنسي لمزاج المرأة الثائرة: كوكو حزينة، كوكو غاضبة، كوكو سعيدة، كوكو عاشقة... هذا كله في ظلّ تغييب تام لسياق الأحداث التاريخية، إذا استثنينا الأثواب المزركشة الضيّقة وقبعات الريش.


«أمبير إسباس» (09/212516) ــــ غراند سينما ABC (01/209109) ــــ «غراند كونكورد» (01/343143)