كما كان متوقّعاً، حصدت مسلسلات المخضرمين النجاح الأكبر مقابل فشل بعض النجوم الشباب، ونجاح البعض الآخر في... إثارة الجدل. وتبقى العبرة الأخيرة لصنّاع الدراما في رمضان 2009: النوعية أهمّ من الكمية
محمد عبد الرحمن
في العام الذي عرض فيه مسلسل «الملك فاروق» (2007)، لم يصمد أمام جاذبية تيم حسن، سوى يحيى الفخراني في ملابس «حمادة عزو»، ومعه نور الشريف في أول ظهور لشخصية «سعد الدالي». هكذا أصبحت العادة تقوم على رصد ثلاثة أو أربعة مسلسلات قادرة على جذب الجمهور، وعلى حفظ ماء وجه الدراما المصرية أمام المنافسة الحقيقية للمسلسلات السورية. حتى إن أعمال الـ«سيت كوم» المصرية تمكّنت في العامين الأخيرين من توجيه ضربة حقيقية إلى الأعمال الدرامية التقليدية. أما السبب، فكان التجديد الذي اعتمده صنّاع هذه المسلسلات، وهو السبب نفسه الذي أعاد الكثير من البريق إلى دراما مصر هذا العام. لأول مرة، يدور الجدل حول عشرة مسلسلات على الأقل، بل تنتظر مسلسلات عدة أخرى فرص عرض أفضل بعد رمضان.
عودة الروح إلى الدراما المصرية هذا العام اعتمدت على جانب التجديد في الموضوعات وعناصر عدة أخرى. أولها أن فرق العمل كانت قادرة على دعم النجم. وبالتالي، فرح محبّو يحيى الفخراني بأداء حسن الرداد وأميرة هاني وأحمد المحمدي، وعودة دلال عبد العزيز ومعالي زايد ووفاء عامر وغيرهم في «ابن الأرندلي»، رغم أنّهم ظهروا في مسلسلات أخرى، لكنّهم لم يبرزوا حقاً إلّا في «ابن الأرندلي». والأمر نفسه تكرّر في «حكايات بنعيشها» مع ليلى علوي، التي بدأت المغامرة عبر تقديم عملين دفعةً واحدةً. هنا أيضاً استعانت علوي بعدد من النجوم أمثال خالد أبو النجا وباسم سمرة، إضافةً إلى 20 ممثلاً مخضرماً. وتلقّى بعض هؤلاء التهاني على الأداء الجيّد، حتى لو لم يكن ظهورهم كبيراً. هكذا أثبت صنّاع الدراما أخيراً، أن النوعية ستظلّ دائماً أهمّ من الكمية. وقد تأكدت هذه النظرية مع نور الشريف. إذ يبحث الجمهور حالياً عن مواعيد إعادة عرض «الرحايا»، الذي توافرت له كل مقوّمات النجاح. فيما لم يحقق «ما تخافوش» ـــــ حظي بدعاية كبيرة ـــــ ردّ الفعل نفسه. كذلك نجحت يسرا في «خاص جداً»، في الخروج من هالة الملائكية والمثالية التي اتُّهمت بها طويلاً، رغم الاختلاف على المستوى الفني للعمل. فيما عاد محمد صبحي بقوة مستفيداً من الرصيد الكبير لشخصيات مسلسل «عائلة ونيس»، ونجح من خلال «ونيس وأحفاده» في تقديم واقع تربية الأطفال في مصر حالياً. هذا بالنسبة إلى مسلسلات الممثلين المخضرمين والنجوم. غير أن النجاح لم يكن فقط من نصيب هؤلاء. إذ نجحت أعمال أخرى في خلق حالة من الجدل، حتى لو اختلف النقاد والجمهور على مستواها الفني. ومن بين هذه المسلسلات، كان «حرب الجواسيس» الذي أثار جدلاً كبيراً. رغم الأخطاء التي وقع فيها المخرج نادر جلال، بسبب عدم دقة الأماكن والخلفيات، اختار عدد من الاستفتاءات جلال أفضل مخرج، في رمضان. وذلك يعود ربّما إلى مضمون المسلسل وأداء الممثلين الجيّد.

نجحت يسرا بالخروج من هالة الملائكية والمثالية التي اتُّهمت بها طويلاً
من جهته، نجح هشام سليم في العودة إلى صفوف المقدمة من جديد، ومعه منّة شلبي وشريف سلامة وباسم ياخور. كذلك فعل أحمد عزّ مع المخرج محمد النجار وفريق عمل مسلسل «الأدهم». وبرز أيضاً «تاجر السعادة» لخالد صالح، ومسلسل «قانون المراغي» لخالد الصاوي. حتى المسلسلات المميزة مثل «هدوء نسبي» و«صدق وعده» التي لم تجذب الجمهور المصري في رمضان بسبب توقيت العرض وابتعاد المضمون عن أولويات المشاهد في شهر الصوم، فإن عرضها على قنوات مصرية، ومشاركة قطاع الإنتاج المصري في تمويلها أشارا إلى رغبة حقيقية في دعم هذه النوعية من المسلسلات. لكن هذا الكمّ من المسلسلات الجيدة لم يقابله بالطبع انحسار في المسلسلات الضعيفة المستوى، إذ عانى معظمها مشاكل في المضمون أو أداء النجوم، رغم تمتعتها بعناصر قوة أخرى على مستوى التصوير والإخراج. ويأتي في المقدمة مسلسل «ليالي»، الذي تضرر كثيراً من المقارنة بين مضمونه وقصة حياة سوزان تميم، فلم ينجح بالتحوّل إلى مسلسل سيرة، ولا نجح في إقناع النقاد والجمهور بأنّه دراما بعيدة عن الجريمة الشهيرة. كذلك كانت سمية الخشاب من بين الخاسرين في مسلسلها «حدف بحر»، وباتت تحتاج إلى إعادة حسابات شاملة في المرحلة المقبلة. وهو ما تكرّر مع محمد رجب والمخرج باسل الخطيب في «أدهم الشرقاوي»، إضافةً إلى أعمال أخرى لم يشعر الجمهور بها، بطريقة تجعل الحكم على مستواها الفني مؤجّلاً حتى العرض التالي، مثل «قاتل بلا أجر» و«وكالة عطية» و«بشرى سارة».


الفائز هو... إسماعيل ياسين

فيما اختار عدد كبير من النقّاد مسلسل «أنا قلبي دليلي» وبطلته صفاء سلطان، بصفتهما الأسوأ، تماسك أشرف عبد الباقي (الصورة) وصنّاع مسلسل «أبو ضحكة جنان» في الأيام الأخيرة. إذ نجح هؤلاء في كسب تعاطف الجمهور عندما بدأت متاعب إسماعيل ياسين، وظهور نهايته البائسة على الشاشة. وهذا ما دفع بعض المتعاطفين إلى الإشادة بالعمل، والمطالبة بعدم المقارنة بين الأصل والصورة، على أساس أن عبد الباقي بذل كل ما في وسعه. إضافةً إلى أنّ العمل يقدّم سيرة إنسانية لفنان شهير تستحق المتابعة من دون ضرورة للبحث عن الملامح الحقيقية لإسماعيل ياسين. وهو عكس ما حدث مع صفاء سلطان، التي فقدت كل التعاطف، وخرجت لتؤكد أنها لم تفهم كيف شبّهها البعض بشادية لا بليلى مراد!