الدورة التاسعة تنطلق الليلة وتكرّم مصطفى أبو عليزينب مرعي
متى وأين وكيف أصطاد الصورة؟ كيف أعطيها دور البطولة لتعبّر عن حالة ما، وأجعل النصّ يتراجع إلى الدور الثانوي؟ هذه الأسئلة تبدو أساسيّة لأي شريط وثائقي كي يُخبر قصّته. اليوم، يستأنف «مهرجان بيروت الدولي للأفلام الوثائقيّة» في دورته التاسعة (DocuDays) سرد قصص من العالم، بعدما توقّف عامي 2007 و2008 بسبب الأوضاع الأمنيّة، وربّما الماليّة. المهرجان الذي يحمل شعار «سرد الحكاية»، يحتفي بالشريط الوثائقي. ويرى مديره الفني علي حمّود أنّ «مشكلة تهميش هذا النوع من الأفلام كانت نابعة من شكلها القديم، بما أنّ معظمها كان يتّبع نمطاً واحداً مملاً بعض الشيء. مع الوقت، بدأت تظهر أعمال وثائقيّة مخالفة لتيّار السائد، تهتم بموضوع الفيلم كما بالتقنيّات المعتمدة وقيمته الفنيّة». لم يعد دور الشريط الوثائقي محصوراً إذاً بتقديم صورة عن واقع ما، بل صار الابتكار في الموضوع والصورة، مدماكاً أساسياً، ما شرّع أمامه أبواب المهرجانات العالميّةوتذهب مديرة العلاقات العامة للمهرجان عبير هاشم إلى أنّ «DocuDays أدى دوراً كبيراً في توعية الناس على أهمية الفيلم الوثائقي، لكونه أوّل مهرجان اختصّ بالشريط الوثائقي في العالم العربي». انتشار الفضائيات الإخباريّة مثّل عاملاً مهماً لهذا النوع من الأفلام أيضاً، بما أنّها اهتمّت بعرضها وحتى بإنتاج بعضها. ومثّلت القنوات المختصّة كـ«الجزيرة الوثائقيّة»، حافزاً مهماً لصناعة هذه الأفلام التي ما زالت شركات الإنتاج لا تتقبّل فكرة تمويلها برحابة صدر.
«مهرجان الوثائقي» بدأ التحضير ــــ منذ اليوم ــــ لعيده العاشر في الدورة المقبلة. لذلك ـــــ يقول حمّود ـــــ إنّ عدد الأفلام المشاركة رُفع من 70 إلى 100 في هذه الدورة التي تستضيفها صالة «متروبوليس أمبير صوفيل» حتى 30 الحالي. كذلك يكرّم المهرجان أبا السينما الفلسطينية الراحل مصطفى أبو علي (1940ــــ 2009) ويستقبل المنتج الكندي بول شرزر. ويرى حمّود أنّ أهميّة المهرجان تكمن في أنّه يعرض هذه السنة أفلاماً أكثر جرأةً من حيث الشكل بالنسبة إلى الفيلم الوثائقي، إضافة إلى تلك التي لم يعتد الجمهور رؤيتها على شاشات التلفزة. من جهة المواضيع، لا يكتفي المهرجان بعرض الوثائقي السياسي، بل يتطرّق أيضاً إلى المواضيع الاجتماعية والفنيّة، ليسلّط الضوء على الابتكار الذي دخل حيّز الفيلم الوثائقي. هكذا، يُعرض الشريط الأرجنتيني Cocina غونزالو كاسترو الذي يحكي قصّة طاهية تمزج بين فنّ الطعام والعمارة. بينما تذهب البريطانية إيفا ويبر الحاضرة في The solitary life of cranes لتنقل 24 ساعة من حياة لندن، مدينة الضباب، بعيون تراقب من فوق... إنّها عيون أولئك العاملين في ورش البناء. وبينما يرصد فيلم الافتتاح «محاكمة نورمان فنكلستين» (راجع المقال أدناه) مسيرة الأكاديمي الأميركي ابن المحرقة والناقد الشرس لإسرائيل، يعود فيلم الختام United Red Army (١٩٠ دقيقة) للياباني كوجي واكاماتسو، إلى سنوات الراديكاليّة اليساريّة في صفوف الشباب الياباني...
والأفلام السياسيّة لها هذا العام حصّة الأسد. هكذا،

في «من لحم ودم»، ترصد عزة شعبان دور مصر في الحصار المفروض على أهل غزة
تعرض «الجزيرة» فيلماً من إنتاجها هو «حرب في أميركا» الذي يتابع تساؤلات الرأي العام الأميركي وموقفه من الحرب على العراق. أمّا اللبناني علي حمّود فيقدّم باكورته «عن أولئك الذين رحلوا» حيث يتساءل عن معنى المكان، القدر، المصادفة... التي أودت بحياة العديد من المدنيين اللّبنانيين الذين ذهبوا ضحيّة سلسلة التفجيرات منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005. أما «كوبوي بيروت» لداليا فتح الله، فيرصد حلم الهجرة لدى الشباب اللبناني إلى «بلاد الفرص»: الولايات المتحدة. وتأخذنا المصرية عزة شعبان في «من لحم ودم» إلى قطاع غزة، لترصد أثر الحصار على حياة الفلسطينيين ودور مصر في هذا الحصار. فيما تذهب الأردنية ساندرا ماضي في «ذاكرة مثقوبة» إلى ما آلت إليه القضية الفلسطينية وواقعها المأساوي من خلال مجموعة مناضلين قدامى في منظمة التحرير الفلسطينية. أما العراقي فاروق داوود، فيقتفي أثر الأديب الراحل غائب طعمة فرمان، مسجّلاً في فيلمه «ذاكرة وجذور» ذكريات الأديب العراقي الذي عاش في المنفى، وصراعه مع طمس الذاكرة والجذور.
ويعرض المهرجان أعمالاً تقع بين السياسي والاجتماعي مثل «ما اسمك؟» للبناني جورج سلامة. يجمع العمل في مدينة الرطبة العراقيّة عام 2002، أي قبل الاجتياح الأميركي، طبيباً إنكليزياً، ومسافراً يونانياً، وحكواتيّاً عراقياً. تتقاطع طرقهم ليخوضوا في نهار واحد رحلة فيها الكثير من التأمّل والاستكشاف، تنطلق من سؤال «ما اسمك؟». أمّا الفيلم الاسكتلندي ــــ الكردي لدوغ أوبري وبيري إبراهيم، فيتطرّق لقصّة الكردي بيري. بعد عشرين سنة على مغادرته منطقة حلبجة الكردية التي تعرّضت للقصف الكيميائي من نظام صدّام حسين، ها هو يجد نفسه باحثاً عن ذاته، وشعبه وسلاحه... وعن بلد لا وجود له.


8:00 مساء اليوم: فيلم الافتتاح «محاكمة نورمان فنكلستين»، ويستمرّ البرنامج حتى 30 أيلول (سبتمبر) الحالي ــــ ميتروبوليس/ أمبير صوفيل (الأشرفية، بيروت) ــــ للاستعلام: 01/207080
www.docudays.com