الارتجال يخيّم على أمسية تكريم محمود درويش
كان يكفي، في الآونة الأخيرة، أن ننظر إلى أي نشاط يقوم به «بيت الشعر»، لنلاحظ حجم الأزمة المستشرية، ونوع المرض الذي فتك به بعد فترة قصيرة على انطلاقته. الأنشطة لم يعد يحضرها إلّا جمهور قليل، والمشاركون في الندوات هم أنفسهم، وأغلبيتهم من أعضاء المكتب المسيّر، وإحياء ذكرى أو مناسبة لا يخضع لأي معيار... هذا من دون الحديث عن «اليوم العالمي للشعر» الذي يمر في فتور تام. صارت البرمجة قائمة على الارتجال، وتتميّز بالاستخفاف وغياب المعايير، بعيداً من الرؤيا والتخطيط والإعداد... لعلّ خير مثال على ذلك الأمسية التي سيقيمها البيت يوم 25 الحالي في ذكرى رحيل محمود درويش. إذ دُعي الجميع (عبد الكريم غلاب، شيخ الروائيين المغاربة الذي لا تربطه علاقة شعرية أو حياتية أو نقدية بمحمود درويش، عبد الله ساعف، وهو باحث في العلوم السياسية)... ما عدا الشعراء الذين ربطتهم علاقة وطيدة بالراحل، أو النقّاد الذين اشتغلوا على شعره، أو أصدقاءه المقرّبين.
هذا دليل على الفكرة التي باتت تتردّد أخيراً على أكثر من لسان، وتفيد أنّ البيت جرى تهريبه إلى وجهة مجهولة منذ 2008، أي العام الذي انُتخب فيه نجيب خداري رئيساً له. ها هي مؤسسة ثقافية مغربية أخرى تتوارى، بعد الأزمة الخانقة التي تعيشها أم المؤسسات: اتحاد كتّاب المغرب. فأي علاج ينفع؟ وكيف تنبعث الحياة الثقافية المغربيّة على أسس ديموقراطيّة وصحيّة تضع في رأس أولويّاتها الإبداع والتعدديّة والإنتاج؟