نجوان درويشعزيزي بيار، لعلّك تشاركني الرأي في أننا قلنا في صفحات «الأخبار» ما علينا أن نقوله بشأن قضية «مهرجان تورنتو السينمائي»، وألا حاجة إلى استئناف السِّجال، على الأقل في ما بيننا. فقد أخذت القضية حقها من العرض. ولهذا، كبتُّ رغبتي في التعليق على ردّك الأخير عليّ (راجع «الأخبار» عدد ١٤ أيلول/ سبتمبر ٢٠٠٩). لا بأس إن اختلفنا في فهم بعض القضايا وتحليلها، وكذلك حدود «العقلانية» و«القسوة» (وحتى حكاية العنب والناطور سنختلف في استعمالها. فمثلاً لا أتخيّل نفسي في صف طالبي العنب، بل أجدني أقرب إلى مقاتلي النواطير). ربما سأردّ لاحقاً لكن بإضافة وفي سياق أوسع، حتى لا تغيب عنّا قضايا أخرى مهمة، وحتى لا يصبح السجال مضجراً.. فـ«تورنتو» ليست القضية الوحيدة من نوعها. ثمة مئات القضايا الثقافية الشبيهة التي تمرّ ـــــ لمصلحة إسرائيل ـــــ من دون أن ينتبه إليها أحد. فيما تجدر إثارتها، وتطوير ذلك إلى ممارسة ثقافية فاعلة وذات بعد شعبي: نقابي وأهلي وطالبي... أنت بلا شك تعرف كم هي كسولة ثقافتنا على جبهة الصراع الفكري، وكم تشوب قضايانا الانتقائية والموسمية وذهنية الهبّة العشائرية التي سرعان ما تسفر عن فراغ، بانتظار هبّة جديدة! النقطة الأخيرة التي أودّ التعليق عليها بخصوص «تورنتو»، هي عريضة «صوت يهودي من أجل السلام» في دعم «إعلان تورنتو» الذي يحتجّ على احتفاء المهرجان بـ«تل أبيب». من الضروري التعامل معها ـــــ هي ومثيلاتها ـــــ بشيء من الحذر. ليست لدي معرفة كافية بنشاط هذه المجموعة، لكني أستطيع القول ـــــ استناداً إلى موقعها الإلكتروني www.jewishvoiceforpeace.org ـــــ إنها لا تشكك في شرعية تل أبيب أو إسرائيل. كلمة «السلام» ـــــ كما تعرف

إنّها «لعبة» مركّبة، أن نتلاقى أو نتقاطع مع يهود إسرائيليين في حملة مقاطعة
ـــــ أكثر الكلمات تضليلاً في عصرنا. حتى مجرم حرب كشمعون بيريس حائز «جائزة نوبل للسلام»، ويكرز باسم «السلام» كذباً في كل محفل.. في عريضة أخرى سابقة لـ«صوت يهودي من أجل السلام» تناصر الأستاذ في «جامعة بن غوريون» الذي هُدّد بالفصل على خلفية مقاله الذي يدعم مقاطعة إسرائيل ثقافياً، لاحظتُ أنهم يوجهون عريضتهم إلى وزير التعليم الإسرائيلي ورئيس جامعة بن غوريون بما يفيد اعتبار هؤلاء مراجع منصفة، ونحن لا نعدّهم كذلك.
كما تعرف، هذه «لعبة» مركّبة، أن نتلاقى أو نتقاطع مع يهود إسرائيليين، في حملة مقاطعة إسرائيل ثقافياً، لأن دوافعنا العميقة غير دوافعهم العميقة، وفهمنا للواقع وأهدافنا غير فهمهم له وأهدافهم. بهذا المنظار ينبغي رؤية دورهم في المقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل، إذا شئنا أن نكون صادقين.