زياد عبد اللهالسراب دائم الحضور في رواية لينا هويان الحسن «سلطانات الرمل» (دار ممدوح عدوان ـ دمشق)، وقد نشرب ماءه قصصاً تناثرت هنا وهناك، تناسلت من السلالات وتوالت حتى النهاية. تقدم الكاتبة السوريّة هنا، وثيقة جمالية وتاريخية لحياة البدو في بلادها. تستسلم برهةً لسحر حياة البادية، قبل أن تداهمه بالتوثيق. هكذا، تضبطه متلبساً بقصص عشق تخرج من بين الرمال...
يشي عنوان الرواية بما ستحمله إلينا. نحن في صدد متابعة مصائر سلطانات بدويات، تشبه قصصهن أساطير مكثفة، تظهر وتختفي وتترافق دائماً مع معلومات تفيض بها الرواية عن أعراف البدو وعوالمهم وخبراتهم وقوانينهم. أولى سلطانات الرواية، هي حمرا «حرقت حافر حمار وحشي وسحقته واكتحلت به، هكذا قالوا عن

تقدم الكاتبة وثيقة جمالية وتاريخية لحياة البدو
سر نظرتها الذباحة». مع توالي وجوه سلطانات البادية، نتابع مصائرهن المأساوية المتشابهة رغم خصوصيّة كل واحدة منهن، وتظهر جميع هذه المصائر كثمن للحب والجمال. في الجزء الأول من الرواية، ندخل في نمط سردي يشبه الأقاصيص والحكايات، مع وقفات غنائية بامتياز بلسان الراوية. ثمّ يتتابع السرد ويغدو ذا طابع أنثربولوجي دقيق إلى حد بعيد. هكذا، تضع أمامنا الرواية رصداً لمعارف الحياة البدوية وإحالتها باتصال أو انفصال إلى القصص.
سرعان ما سنكتشف أننا أمام تاريخ كامل يتدافع أمامنا... إنهم البدو قبل الثورة العربية الكبرى وأثناءها والدور الذي لعبوه فيها. إنّها حياة أهل البداية وعشائرها ثم الاحتلال الفرنسي وصولاً إلى إلغاء جمال عبد الناصر قانون العشائر في سوريا. وحين ندخل الجزء الثاني، ينخفض منسوب التأريخ وتحسم الرواية أمرها صوب قصة حب «فكرى وطراد» حيث تطغى الحضرية وعتادها الباذخ، ومعها الشعر، إذ أنّ طراد شاعر وحداثي. كما في «بنات نعش» رواية الحسن السابقة، تدعو «سلطانات الرمل» قارئها إلى وليمة بدوية خاصة مفرطة في كل شيء. ولعل حدة التنقلات بين القصصي والتاريخي والمعرفي جعلتها رواية بثلاث جبهات تتصارع في ما بينها.