تجارب لبنانيّة وعالميّة في انتظار الـ «بينالي»زينب مرعي
أنت أمام صورة. صورة إنسان، بملابس. بلا ملابس؟ صورة للطبيعة، صورة حرب؟ فيمَ تجعلك تفكّر؟ في إنسانيّتك، في هويّتك، في الفراغ... كلٌّ منا سيُبحر إلى مرساه الخاص، فهل تتحدّى نفسك لترى؟ بعنوان «تحدي أن نرى» Le défi de voir، انطلقت سلسلة 10 معارض لمصوّرين لبنانيين وأجانب من تنظيم «الدورة السادسة للألعاب الفرنكوفونيّة». ليست هذه التساؤلات الوحيدة التي تثيرها الصورة في نفسك. من الناحية التقنيّة، باتت الصورة اليوم موضع نقاش. هي كذلك لغادة واكد، المسؤولة عن قسم الصورة في لجنة الألعاب الفرنكوفونيّة. هل معايير التصوير ظلّت كما هي مع هيمنة التقنيات الحديثة؟ هل ما نصوّره بالخلوي أو الكاميرا الرقميّة هو فنّ «مشروع»؟ تردّ غادة واكد بالإيجاب. هذا ما حاربت لأجله من موقعها في اللّجنة الفرنكوفونيّة وربحت قضيّتها، ليصبح لبنان الدولة الأولى التي تسمح فيه اللّجنة بعرض الصور الرقميّة مع تلك التقليدية.
«أدخلنا أول مختبر رقمي إلى هذه اللّجنة»، تشير واكد باعتزاز. ولولا قرار الانفتاح هذا، لما كان ممكناً عرض أحد أبرز الأعمال المشارِكة، وهو معرض «الأمواج» للفرنسي تيري كونتزل (1948 ـــ 2007)، أو أعمال رندا ميرزا وصورها المركّبة في «العوالم المتوازية» (حتى 6 ت1/ أكتوبر، «القاعة الزجاجيّة» في وزارةالسياحة، بيروت. راجع البرواز أدناه)، وتشاركها فيه الكاتبة ريتا بدّورة، الفائزة عن قسم الأدب في الدورة السابقة للألعاب الفرنكوفونيّة. عمل كونتزل (حتى 30 أكتوبر، الـ «دوم»، وسط بيروت)، عبارة عن تجهيز تفاعلي لصور أمواج، يمتلكه متحف الفنون الجميلة في مدينة نانت الفرنسيّة. جهّز المصوّر عمله عام 2003 تكريماً لذكرى الروائية الإنكليزيّة فيرجينيا وولف التي انتحرت غرقاً، مستوحياً عنوان عملها «الأمواج».
«تحت الأنظار» Mettre à voir، كان أول معارض السلسلة، انطلق من صيدا (حتى 6 أكتوبر ــ Caravansérail) ويجمع 8 مصوّرين لبنانيين، يتنافسون في مسابقة الصورة للدورة السادسة من الألعاب الفرنكوفونيّة.
ولعلّ المحطّة الأقوى التي ستعطي للحدث وهجه، هي معرض المصوّر السلوفيني الضرير إيفغن بافكار (من 8 إلى 30 أكتوبر ـــ قصر الأونيسكو). وترى واكد أنّه يجسّد بامتياز تيمة التظاهرة: «تحدي أن نرى». معرضه «ولادة كتابة» يصوّر غير المرئي ويعيد امتلاكه عبر الصورة، من دون أن يترك شكّاً في أنّ من يقف خلف الكاميرا هو إنسان لا يرى. هكذا، سيضعنا مرّة جديدة أمام التحدّي: ماذا نرى؟ بخطفه الصور من أمامنا، أصبح بافكار لبعضهم «المخترع الرابع للصورة» بعد جوزيف نيبس وتالبو وداغير. وتحتفي اللّجنة هذه السنة، بمرور 200 عام على ولادة لوي براي (مخترع تقنية القراءة لغير المبصرين)، إذ يدير بافكار ورشة عمل عن الصورة، يشارك فيها المكفوفون (10 أكتوبر ـــ الأونيسكو)، كما يلقي محاضرة «تصوير غير المرئي» (12 أكتوبر ـــ الأونيسكو).
أمّا المصوّر اللّبناني جيلبير الحاج فاستوحى من معرض Badguèr الذي أُقيم أخيراً في برج حمود، فكرة معرضه «أرارات في بيروت» (راجع الصفحة المقابلة). ومن مجموعة شربل متّى، الأستاذ في «جامعة بوردو للفنون الجميلة»، تُعرض طوابع لبنانيّة قديمة يعود تاريخ بعضها إلى 1895 (28 سبتمبر ــــ 6 أكتوبر، villages des partenaires، الصيفي، وسط بيروت). ويقدّم المصوّر السويسري بالتزار بورخارد (28 سبتمبر ـــ 31 أكتوبر، «غاليري Running Horse»، الكرنتينا) بأسلوبه الذي يمزج بين الرومانسي

«أمواج» تجهيز تفاعلي أراده الفرنسي تيري كونتزل تحيّة إلى فيرجينيا وولف

والواقعي، مجموعة صور كبيرة الحجم. كذلك يشارك مصوّر الطبيعة البلغاريّة، والحالم بانتصارها على العالم الاستهلاكي، ألكسندر إيفانوف عبر معرض Réflexions (28 سبتمبر ـــ 6 أكتوبر، villages des partenaires). كما تشارك السفارتان الرومانيّة والقبرصيّة في الاحتفاليّة عبر معرضَي «رومانيا بالصور»، و«الموروث الثقافي لقبرص» اللذين يقامان في villages des partenaires.
تقود واكد عمليّة تقويم مستمرّ للمعارض المختصّة بالصورة حول العالم. بالنسبة إليها، أينما ذهبت ترى المعارض والأشخاص أنفسهم، حتى صيغة الأعمال تتكرّر، «لذلك نحتاج إلى صيغة عمل جديدة». وإن كانت معالم هذه الصيغة ما زالت غير واضحة للفنّانة والأكاديميّة، إلّا أنها لا تؤمن بالتنسّك، بل تتلمّس طريقها إليها عبر البحث المستمر، والتواصل مع الفنّانين والجمهور، وبالمراجعة والتقويم الدائم للتجارب التي تقدّمها هي أو غيرها، والابتعاد عن فكرة الاستعراض الفني واستعادة الأفكار والأعمال نفسها. ومن ناحية أخرى، يبقى هاجس غادة واكد واحداً عبر المعارض التي تنظّمها: أن يعيش الفنّ بين الناس ويدخل في يوميّاتهم. من هنا تصرّ على توزيع المعارض على العديد من المناطق، كي يبتعد الفن عن كونه حدثاً استثنائياً، يمرّ كالشهب، ونراه في المناسبات الاستثنائيّة. هل تكون التظاهرة التي أسهمت في تشكيلها نواة «بينالي بيروت لفنون الصورة»؟


Le défi de voir ــــ للاستعلام: 01-799066
www.jeux2009.org