strong>زينب مرعيثمانية أجهزة تلفزيون مفترضة، تنقل إليك الصورة التي تبثّها رندا ميرزا في القاعة الزجاجيّة لوزارة السياحة. في معرضها الجديد «العوالم المتوازية»، تضعنا ميرزا الفائزة بالجائزة الأولى عن مسابقة الصورة في «الدورة الخامسة للألعاب الفرنكوفونيّة» (2005) في النيجر، أمام السؤال الصعب: أين الحقيقة في الصورة التي نتلقّاها أو أيّ «حقيقة» تصلنا؟ الصور الثماني المعروضة، مركّبة خضعت للمونتاج والـ«فوتوشوب»، تطرح سؤال الحقيقة بقوّة. ما الذي يؤكّد لك أنّ ما يصلك ليس مُمنتجاً أو مركّباً؟ أنت في النهاية ترى جانباً واحداً من الحقيقة، إنّها حقيقة المُرسِل.
تركّب ميرزا صورتها مازجةً بين صور للحرب اللّبنانية التي اختارتها من أرشيف المصوّر رمزي حيدر وبين صور لسيّاح التقطتها بكاميرتها الخاصة. عالمان في الصورة، وجهتا نظر. هنا دبّابة وامرأة تحاول الحصول على الماء في زمن الحرب، وفي الكادر ذاته شقراء ترفع شارة النصر. هذه وجهة نظر المشاهد. السائح، هو المشاهد المتأثّر بالصورة التي تصله. لكنك هنا، أنت أيضاً مشاهد.
في صورة أخرى، الوحيدة المأخوذة من عدوان تموز، تواجهك رندا ميرزا بنفسها في الكادر مع «ريموت كونترول» في يدها وفي الخلفية

تضعنا أمام خيار الحرب أو السياحة
صور الدمار. هل تطفئ التلفاز أم تبقى على اتصال مع صور الحرب والدمار. قرار لم تأخذه ميرزا نفسها بعد. صحيح أنّها تعرض صور جثث ودمار إلّا أنّها لا تصدم المشاهد بصور دامية أو مشوّهة. الحرب حاضرة هنا، إلّا أنّ الفنّانة تريد من المشاهد أن يغوص في الصورة ويفكّر فيها كي يصبح لها معنى، لا أن يشيح بنظره. ليس صدمة الحرب، هو ما تريد عرضه ميرزا التي تقول إنّها لم تحسم خيارها بعد إزاء هذا النوع من الصور، مع أنّها عرضتها سابقاً في «غرف مهجورة». لكنّها ترى أنّ معرضها الجديد أو معرض «غرف مهجورة» يعبّر عن فكرة واحدة تسكن الفنانة: هاجس الحرب أكثر من الحرب مباشرةً.
بعيداً عن إشكاليّة الصورة، يطرح «العوالم المتوازية» فكرة «لبنانيّة» خالصة. تبيّن فيه الفنّانة الخطاب السياسي اللّبناني الذي يضعك أمام خيارين لا ثالث لهما: الحرب أو السياحة. تقول ميرزا: «لا نجد في الخطاب الموجّه إلينا خياراً ثالثاً. إمّا أنت تريد السياحة أو تريد الحرب. الصور المُمنتجة في عملي تحاول أن تظهر ما هو أكثر حقيقةً بالنسبة إليّ من الصورة التي لم تخضع للمونتاج. الصورة تحاول أن تبيّن أنّ ازدهار السياحة في البلد لا يقنعني باختفاء الحرب من الكادر. وما دمنا لم نحلّ مسألة إسرائيل على حدودنا، فالموضوع سيظل عالقاً، ولن نقتنع بأنّنا نعيش في سلام أبدي. سيبقى هاجس الحرب داخلنا».


حتى 6 تشرين الأول (أكتوبر) ــ وزارة السياحة، الحمرا، بيروت