كلّ المخرجين الذين تعاملت معهم، غيّروا النصّ على هواهم»، هذا ما تقوله أمل حنّا كاتبة مسلسل «قلبي معكم». العلاقة بين المخرج والسيناريست تشوبها المشاكل غالباً، وحالما يباع النصّ، يُهمَّش الكاتب
وسام كنعان
رغم المحاولات الجدية لتحويل الدراما السورية إلى صناعة حقيقية، ترتكز على قوانين وأسس سليمة، لا يزال التعامل مع كتّاب النصوص الدرامية، على اعتبارهم الحلقة الأضعف في هذه الصناعة. يحدث ذلك رغم صعوبة نجاح أي مسلسل من دون أن يكون نصّه قوياً ومحكماً. هكذا سيلاحظ مراقب الوسط الفني السوري انعدام ورش السيناريو الحقيقية التي تنتشر فيه، باستثناء الورشة الثنائية لنجيب نصير وحسن سامي يوسف، وبعض التجارب الشابة التي لم تثبت استمراريتها بعد.
كذلك، فإنّ تحييد الكاتب وتهميشه حالما تتسلّم الجهة المنتجة والمخرج النصّ، يستفزّان الكثير من الكتّاب السوريين. إذ إنّه لن يسمح للكاتب بالتدخّل في أي تفصيل من تفاصيل العمل حين تبدأ عملية التصوير. مع نهاية الموسم الرمضاني، جالت «الأخبار» على عدد من هؤلاء الكتّاب لتستطلع آراءهم بشأن العلاقة بينهم وبين المخرجين وشركات الإنتاج.
«كلّ المخرجين الذين تعاملت معهم، غيّروا في النصّ على هواهم من دون استشارتي» تقول أمل حنّا كاتبة مسلسل «قلبي معكم». وتؤكّد ثقتها بأنّ النقاش بين كلّ أطراف العمل هو في صالح المسلسل «لكنّني أقول لنفسي إنه يجب أن أقبل قواعد اللعبة التي تقول إنّ الدراما التلفزيونية هي بضاعة تباع وتُشرى». وفي هذه الحالة، البائع هو الكاتب والشاري هو شركة الإنتاج.
أما في ما يخصّ «قلبي معكم» والانتقادات التي شملت النص والإخراج، فتقول حنا غاضبةً: «كنت في صدد الرد على كل هذه الانتقادات الموجّهة إلى النص لكنني صُعقت بعدما شاهدت الحلقة الـ26 من العمل. حيث يدخل فيها سامي وصديقه (شخصيتان في المسلسل) إلى نادٍ ليلي، ويطلب سامي مرافقة بنت روسية على اعتبار أنها فتاة هوى». شعرت حنّا عندها «بأنّ كل مياه الدنيا لن تغسل عنّي ما ألحقه بي هذا العمل. كيف لي أن أنظر بعد هذا المشهد في عيني زوجي الروسي، وابنتي نصف الروسية، في ظلّ حالة التعميم هذه؟». وتذكّر بالنصّ الأساسي الذي كتبته، حيث كان تطوّر الأحداث مختلفاً «كلّ التفاصيل الجديدة من تأليف المخرج، وهو ما أعدّه إهانةً شخصيةً إلي».

يرى هاني السعدي أنّ العلاقة بين المخرج والكاتب كانت ممتازة إلى أن جاء نجدة أنزور!

من جهته، يتحفّظ الكاتب نجيب نصير عن إبداء رأيه في إخراج آخر أعماله «زمن العار»، بل يفضّل التطرّق إلى علاقة الكاتب ـــــ المخرج عموماً «يحتاج موضوع علاقة المخرج بالنص، وكيفية تنفيذ العمل الدرامي، إلى دراسة نقدية طويلة ومتشعّبة لها علاقة بنوعية النصوص، ونوعية كتابتها من جهة. كما يحتاج إلى معرفة خلفية المخرج السوري الثقافية الإبداعية وماذا يريد» يقول. ويرى أنّ المسألة الحاسمة في هذا الموضوع تتعلق بالمموّل الذي «لا يملك أيّ استراتيجية للوصول إلى ما يريد قوله أو تقديمه عبر العمل». وينتقد نصير الطريقة التي يجري بها التعامل مع النصّ بعد أن يتنازل عنه الكاتب. إذ يبدأ التصوير ثمّ ترسَل المشاهد إلى المونتاج من دون أي فرصة لإعادة تصويرها. أما السبب، فهو أنّ أي محاولة لتصحيح الأخطاء مكلفة جداً مادياً «وتمسّ بهيبة المخرج وسمعته التسويقية».
أمّا هاني السعدي، فيتذكّر سنوات العمل السابقة. إذ كانت علاقة المخرج والكاتب ممتازة، ويتشاور الطرفان في كل التعديلات، «إلى أن جاء نجدة أنزور وحذف 258 مشهداً من أحد الأعمال كي يتمكّن من تسليم العمل إلى المحطة التلفزيونية في الوقت المناسب». هذه النقطة بحسب السعدي كانت بداية خلافاته مع المخرجين، واستمرّت المشاكل «من دون أن تحرّك الجهات المعنية ساكناً في سبيل حماية مؤلّفي السيناريو كما يحصل مع الكتّاب في باقي المجالات الفنية».
السعدي يعبّر عن رضاه عن مسلسل «آخر أيام الحب» مع وائل رمضان. فيما يرى أن كل الانتقادات التي وُجِّهت إلى «سفر الحجارة» ـــــ التي وصل بعضها إلى حدّ اعتباره أسوأ ما قدّم عن القضية الفلسطينية ـــــ كانت بسبب الطريقة التي عمل بها المخرج والمنتج يوسف رزق. وينفي السعدي مسؤوليته عن الطريقة الفانتازية في تناول القصة، التي صوّرت غباوة اللوبي الصهيوني وجيشه وهو عكس الواقع. ويؤكد أنّ مسألة اللغة والطريقة السطحية للتمييز بين اللغة العبرية والعربية كانتا من خيارات المخرج، الذي تذرّع بعدم إمكان جلب ممثلين يتكلمون العبرية. فيما يوضح السعدي أنّه لم يرشح أيّاً من الممثلين، ويشير إلى الخيار الخاطئ الذي قام به المخرج، باختياره ابنه سليمان للمشاركة في العمل. يختم السعدي حديثه من دون أن يسهب في الحديث عن تجربته الأخيرة، حرصاً على أجره الذي لم يقبضه بعد، وقد يُحرم إيّاه في ما لو استفاض في الشرح!


اعتكاف فؤاد حميرة