محمد عبد الرحمنعندما بدأت الضجة حول شخصيّة السيدة المسيحيّة في فيلم «واحد صفر»، عادت إلى الأذهان سريعاً الأزمة الشهيرة الذي أثارها فيلم «بحب السيما». فالقاسم المشترك في كلا الموقفين أنّ الغاضبين كانوا من الأقباط فقط. في «بحبّ السيما»، شاهدنا أسرةً قبطية تعاني من تزمّت الأب. وفي «واحد صفر»، كانت السيدة القبطية التي رفضت الكنيسة تطليقها من زوجها، تحلم بالإنجاب من حبيبها المسيحي أيضاً. وفي كلتا الحالتين، لم يصدر عن القيادات الدينية الإسلامية تصريحات عن هذا الموضوع، باعتباره شأناً قبطيّاً و«معركةً» بين محامين أقباط تابعين للكنيسة المصرية ومنتجي هذه الأفلام. لكن صمت المسلمين لن يطول إذا كانت القصة تتناول علاقة رجل مسلم بسيدة مسيحية أو العكس. هكذا تقف سيناريوهات عدة حالياً على طريقة «مكانك راوح» لا تتحرك إلى الأمام ويرفض أصحابها العودة إلى الوراء. ولا تكمن المشكلة فقط في تفادي الجدل المتوقع في حال عرض تلك الأفلام بل في غياب المموّل الذي يملك جرأة المخاطرة من البداية بدفع الكاميرا إلى الدوران ثم ينتظر نتيجة المغامرة. صحيح أنّ مسلسل «أوان الورد» قدّم قصة زواج مسلم من سيدة مسلمة والدتها مسيحية ونال نصيبه من الهجوم. لكن الأمر سيختلف طبعاً في حال التعرض لقصص حبّ بين مسلمين ومسيحيات...

الرقابة أوقفت أعمالاً تتناول قصص حبّ بين المسلمين والمسيحيين
وهي القصص التي تتكرر كل فترة على أرض الواقع وتقف وراء معظم حوادث الفتنة الطائفية في مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة. كل فترة، تهرب فتاة مسيحية مع حبيبها المسلم ليثور الأقباط مطالبين بعودتها، فيرفض المسلمون وتندلع الاشتباكات التي سرعان ما تهدأ لتعود من جديد في مكان مختلف. وأخيراً، أعاد المخرج رأفت الميهي التأكيد أن مشروع فيلم «سحر العشق» المرشح لبطولته جمال سليمان وليلى علوي ما زال قيد التحضير رغم غياب منتج للقصة التي تدور حول ضابط مصري مسلم يُغرم بفتاة مسيحية في ثمانينيات القرن المنصرم. وعلى المنوال عينه، يقف فيلم «بحبك يا مريم» أو «البعثة» الذي حصل على جائزة أفضل سيناريو من «مهرجان الإسكندرية السينمائي». الشريط الذي كتبه محمد رجاء يدور في شبرا، أكبر المناطق القاهرية من حيث كثافة السكّان الأقباط ويتناول خلافاً يتابع الجمهور تأثيره على أبطال الفيلم الـ30 قبل أن يتضح في الأخير أنّ سبب الخلاف هو قصة حبّ بين البطل المسلم والفتاة المسيحية. لكنّ الرقابة رفضت الفيلم في آذار (مارس) 2008 وطلبت تغيير مضمون الخلاف بين الأبطال أو عرض السيناريو على رئيس الرقابة علي أبو شادي لإبداء رأيه. وهو ما اختاره السيناريست الشاب لينقضي عام وأكثر من دون الحصول على رد حتى الآن. هكذا، تمارس الرقابة دورها في تجميد أفلام يُتوقع أن تثير أزمة، يعتبر المسؤولون أنّ المجتمع في غنى عنها، فالفتنة التي استيقظت، يجب ألا تبلغ صالات العرض حتى لو كان الهدف توجيه اللعنات لمن أيقظها.