ما زالت العلاقات متوتّرة بين القناة القطرية والسلطة التونسية بعدما دخلت محطة «حنبعل» على الخطّ متّهمة «الجزيرة» بـ«فرقعة الأنظمة العربية»
سفيان الشورابي
يبدو أنّ الخلاف بين قناة «الجزيرة» والسلطة التونسية لن يضع وزره في مقبل الأيام. والسبب تناقض وجهات النظر بشأن وظيفة الإعلام. بينما تؤمن إدارة «الجزيرة» بأنه من حقّها، الذي جلب لها الامتياز عربياً ودولياً، نقل نبض الشارع العربي حتى لو أدى إلى إغضاب الأنظمة الحاكمة، ترى السلطة التونسية أنّه على القناة القطرية عدم نقل الأحداث المحلية التي لا ترغب هي بأن تصل إلى التونسيّين.
المعركة بين الطرفين تعود إلى سنوات، مذ أصبحت «بلاتوهات» القناة حضناً لشخصيات تونسية معارضة سُدَّت في وجهها القنوات الرسمية وحتى الخاصة. «الجزيرة» الذي سطع نجمها بتغطيتها مختلف الحروب التي دارت فوق الأرض العربية، أصبحت مدار حديث التونسيين الذين راحوا يتابعونها وأشاحوا عن برامج قنواتهم المحلية التي لا تخرج عن مسار الدعاية «السوفياتية». ما حدا بالسلطات إلى إصدار تعليمات بمنع بث «الجزيرة» في المقاهي والأماكن العامة! لكنّ نسبة إقبال التونسيين على القناة القطرية لم يتأثّر بهذا القرار، فالمحطة سمحت لهم بالتعرّف إلى رموز معارضة وفتحت موضوعات محلية تُصنَّف في خانة الممنوعات. وهو ما أثار سخط الحكومة التونسية التي لجأت إلى سحب سفيرها من الدوحة عام 2007 احتجاجاً على ما وصفته بـ«الحملة المغرضة المركزة على تونس» بعدما أجرت «الجزيرة» حواراً مع المعارض منصف المرزوقي دعا فيه التونسيين إلى «العصيان المدني».

أصبحت بلاتوهات القناة حضناً لرموز تونسيّة معارضة
في هذه الأثناء، ظلت القناة الفضاء النادر الذي يتحدث عن انتهاك الحريات في تونس. واضطرت السلطة في النهاية إلى التراجع عن قرارها في قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية وما تستوجبه من ضرورة استمالة رأس المال الخليجي. عودة الدفء بين البلدين كانت حصيلتها صفقات استثمارية بقيمة 5 مليارات دولار ولقاء بين الرئيس التونسي وأمير قطر الشهر الماضي. إلا أن الزيارة التي خُيِّل أنّها ستمحو الأزمة سرعان ما شوّشت عليها قناة «حنبعل» التونسية التي بثّت في اليوم التالي للزيارة، برنامجاً عن «المؤامرة التي تقودها «الجزيرة» ضد استقرار تونس». واستضافت المحطّة عدداً من الإعلاميين بينهم المراسل السابق لـ«الجزيرة» في موسكو أكرم خزام اتهم إدارة القناة بالرضوخ لأوامر الحكومة القطرية.
وتزامن البرنامج مع حملة منظمة من صحف تتلقى تمويلاً مباشراً من الحكومة التونسية مثل «الشروق» التونسية و«العرب» اللندنية. ومن بين ما قاله المشاركون في البرنامج أنّ «الجزيرة» تعمل على «فرقعة الأنظمة العربية» و«التحامل على التجربة التونسية»! غير أنّ المشاركين، ومن بينهم رئيسا تحرير «روز اليوسف» و«الأهرام» الحكوميتين المصريتين تغافلوا عن نقد حالة الانغلاق الإعلامي الذي يسود تونس وسياسة الحكومة في كمّ الأفواه وفق ما تشير إليه التقارير الصادرة عن منظمات دولية مختصة. ووصل الأمر بأحد الصحافيين التونسيين إلى وصف قطر بـ«المجتمع العشائري الذي ليس فيه نخبة»! وبهذا، تأجّل مشروع تحسين العلاقات التونسية ــــ القطرية حتى إشعار آخر!