رام الله ـــ زياد خدّاشأجلس على حجر قرب ضريحه. إنّها الواحدة ظهراً، والشمس فقدت عقلها. كيف نترك رجلاً أهدانا ظلال المعاني والأمكنة والأحلام، وظلال الأوطان والمنافي والدروب، في الشمس وحده؟ قربي شرطي ضجر، يجلس في ظل بيت حديدي. خلفي مباشرة مزبلة رام الله الرئيسة. تُحرق القمامة ليلاً، فيطير دخانها في المكان. متى ستنقل المزبلة بعيداً؟ يجيبني موظفٌ في البلدية متلعثماً «المزبلة لن تنقل قبل ثلاث سنوات».
تستطيع أن ترى تلّة الضريح، ما إن تصل إلى «قصر الثقافة الفلسطينية»، وتنظر جنوباً. أمامك، طريق عشبي محاط بسلك معدني ومصابيح كهربائية. تلج عبر بوابة حديدية مساحة دائرية عشبية، فيها ثلاث شجرات صفراء. حول تراب محمود درويش، قفص زجاجي بشع، وضع لردّ هجمات الكلاب الضالّة، بانتظار استبداله بنصب تذكاري ينجزه المعمار جعفر إبراهيم طوقان، لكنّه لن يكتمل قبل تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
بلدية رام الله مقصِّرة: يكفي أن ترى الغبار فوق القفص الزجاجي وأشكالاً بدائية لقمامة تتكوّن ببطء قرب الضريح... مناشدات المثقفين الفلسطينيين لتعيين حارس مدني لم تلقَ تجاوباً رغم تحطيم مصابيح الكهرباء مراراً من قبل عابثين. الشرطة عيّنت حرّاساً مسلحين، إلّا أنّ مظاهر السلاح قرب ضريح شاعر بدت منفِّرة. أمّا «مؤسسة محمود درويش» فما زالت غير مكتملة مالياً وتنظيمياً. كانت ستعلن انطلاقتها في الذكرى الأولى لرحيل الشاعر، إلّا أن عدم اكتمال النصب أجّل ذلك، رغم وضعها الحجر الأساس لمتحف ومسرح وحديقة قرب الضريح. عائداً إلى البيت، حاذيت نافورة ماء على مدخل قصر الثقافة. لماذا يُحرم ضريح محمود درويش المجاور من هذا الماء الدافق؟