أوركسترا فلسطين للشباب تعزف أعماله اليوم
بشير صفير
سهيل خوري شخصية موسيقية مرموقة في فلسطين، تنحصر المعرفة به لبنانيّاً وعربيّاً، بقلة تهتم بالموسيقى الفلسطينية تحديداً. ورغم أنّه مدير «معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى»، أو الكونسرفتوار الوطني في فلسطين، وله العديد من الإصدارات الموسيقية، فإنّ شهرته في الوطن العربي ما تزال محدودة. والسبب أنّه لا يهتم بأمور الترويج والتسويق، كما قال لـ«الأخبار» حين التقيناه قبل أيّام في بيروت. عندما سألناه عن سبب انكفائه خلف الفنان مرسيل خليفة في الحفلة التي تجمعهما



مقطع من "القمر"







مساء اليوم في «مهرجانات بيت الدين»، لم يُلقِ الملامة على أحد، ولم يعتبر نفسه مظلوماً في هذه المسألة. هو لا يثير الضجة من حوله، إلى درجة أنك تشعر وهو يحدثك، بأنه قد يختفي في أي لحظة: هدوءٌ، قليلٌ من الكلمات، خجل، بساطة في التعاطي مع المواضيع والأحداث.
يتحدث عن زيارته الأولى إلى لبنان وبيروت التي لا يعرف عنها شيئاً سوى في الأخبار والصوَر. لا يبدي حماسة كبيرة. ربما لأنّها لا (أو لم تعد) تشبه القدس العتيقة التي يصِف خوري جوّها بعد منتصف الليل، عندما ينزل إلى شوارعها «بعد أن تكون قد غادرتها كل



مقطع من "متأخرة"







أشكال الحياة، باستثناء بعض القطط»، كما يرسم المشهد مبتسماً. ولهذه العادة حصة في مسيرته الفنية. فقد أصدر أخيراً أسطوانة «القدس بعد منتصف الليل»، ضمّت تسع مقطوعات موسيقية، قديمة وجديدة، (توزيع عازف العود الفلسطيني أحمد الخطيب)، كتب معظمها في السجن الذي قضى فيه ستة أشهر، بعدما اعتقلته سلطات الاحتلال لأسباب سياسية.
لسهيل خوري العديد من المؤلفات الموسيقية والغنائية والإصدارات الخاصة، بعض أبرزها مخصّص الأطفال. وبعض الأعمال التي وردت في ألبومات «مرح» (1987) و«مطر» (1998) و«بس شوي» (2003) وغيرها، تكشف للمستمع عن ملحّنٍ، وصاحب أفكار موسيقية



مقطع من "القطيطة الجميلة"







تنم عن ذائقة عالية، وحنكة في التعامل مع اللحن، من خلال التغيير النغمي (بين المذاهب واللوازم)، والحد الأدنى أو أكثر من اللجوء إلى التوافق والتقابل النغميَّين (ما لا نجده في 99 في المئة من النتاج الغنائي العربي). كل ذلك في قالب من البساطة التي تحترم الأطفال والراشدين أيضاً.
جزءٌ من هذه البساطة فرضته الظروف. في «مرح» و«مطر»، عزف خوري جميع الآلات (بزق، عود، ناي، إيقاعات، بيانو، باص...) وسجلها بالحد الأدنى من الإمكانات المتاحة. إنها أعمال «فقيرة»، لكنّ هذا أجمل ما فيها بالتأكيد. والأهم أنّها فلسطينية في كل مكوّناتها. وفي هذه التسجيلات أيضاً ـــــ إضافة إلى غناء كورس الأطفال والأداء المنفرد المتقَن ـــــ هناك نصوص الشعراء (خصوصاً روز شوملي وخالد جمعة) التي تقترح، مما تقترح، تكوين وعيٍ واقعي، قلّما نجده في أغاني الأطفال التي تستخف عادةً بالقدرة العقلية للصغار وتؤدي عادةً دوراً تربوياً صارماً. وفي هذا السياق، أنجز سهيل خوري مسرحية غنائية للأطفال بعنوان «الفوانيس» (2004)، نصُها من «القنديل الصغير» لغسان كنفانيبعيداً عن عالم الصغار، أصدر سهيل خوري عملاً مسجّلاً بعنوان «أم الخلخال» (2000)، مع «فرقة الموسيقى الشرقية» التي تضمّه إلى خالد جبران (عود، بزق)، حبيب شحادة (عود)، إبراهيم العطاري (قانون) ورمزي بشارات (إيقاع). تحوي هذه الأسطوانة التي يتولى فيها خوري عزف الناي أو الكلارينت، مجموعة كلاسيكيات أبرزها



مقطع من "إرتجالات على " بياع الخواتم""







لمحمد عبد الوهاب ومنير بشير والأخوين رحباني (ارتجالات على «بياع الخواتم»). وفي إطار مختلف، لحَّن سهيل خوري مجموعة أغنيات كتب نصوصها وسيم الكردي وأدّتها المغنية الفلسطينية ريم تلحمي (راجع المقال عنها في مكان آخر من الصفحة)، وصدرت في ألبوم «عاشقة». وهنا بيت القصيد لجهة مشاركته الليلة في «مهرجانات بيت الدين». بعد غنائية «أحمد العربي»، تعزف «أوركسترا فلسطين للشباب» أربع أغنيات تؤديها ريم، ثلاث

صاحب ذائقة موسيقية عالية وحنكة في التعامل مع اللحن
منها من ألبوم «عاشقة» (توزيع بشارة الخِلّ)، وتتمحور مواضيعها حول الحبّ (غير المنفصل عن الواقع السياسي والعسكري في ظل الاحتلال) والقدس وغزة، إضافة إلى «خضراء» (ألحان حبيب شحادة) من «جدارية» محمود درويش. وعندما نسأل خوري عن سبب تقديم أعماله في قالب أوركسترالي اليوم، يقول ضاحكاً: «لأنو قبل ما كانش في أوركسترا. ونحن لازم نكتب لها أعمال من هالنوع، أعمال فلسطينية، ليبقى إلها علاقة بفلسطين، وما تتحول لفرقة تؤدي الأعمال الكلاسيكية الغربية فقط».
يشار إلى أنّ هذه الأوركسترا أسّسها «معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى» عام 2004، وتضم موسيقيين من فلسطين والشتات، وقد قدمت العديد من الحفلات خصوصاً في الأردن وفلسطين، وهذه زيارتها الأولى إلى لبنان. ونشير أيضاً إلى أنّ «أوركسترا فلسطين للشباب» ليست «أوركسترا الديوان الشرقي ـــــ الغربي» التي أسّسها إدوارد سعيد مع صديقه دانيال بارنبويم، كما يمكن أن يتهيأ للجمهور.


*8:30 مساء اليوم ــــ «مهرجانات بيت الدين» ــــ للاستعلام: 01/373430
www.beiteddine.org
* حفلتان لـ«أوركمسترا فلسطين للشباب» ــ 8:00 مساء 14 و15 آب (أغسطس) الحالي ــ «مركز الحسين الثقافي» (عمان) 0096264652005