رغم انتشار موضة التدوين منذ خمس سنوات، ما زالت هذه الوسيلة تقتصر على «الثرثرة الإلكترونية» عند الشباب العربي. وأخيراً، برزت محاولات لاستيعاب فكرة «تويتر» وتعزيز التفاعل بين الدول العربية
صباح أيوب
بعد انتشار «موضة» التدوين (Blogging) عالميّاً منذ أكثر من خمس سنوات، برز العرب فيها كمشاركين وأصحاب قضايا مثيرة للجدل: من الحرب على العراق والعدوان الإسرائيلي على لبنان، وحرب غزة، وانتهاكات حقوق الإنسان، إلى الحركات المعارضة للأنظمة واليساريين، والناشطين السياسيين والإسلاميين... عبّر العرب عن آرائهم بحرية، فسُجن بعضهم ولوحق بعضهم الآخر وأقفلت مدوّنات عدة.
اليوم، مع ظهور التدوين المصغّر micro- blogging، يقف العرب تائهين بين تلقّف المبدأ الأساسي له، والمشاركة الفعّالة فيه. ولمّا كان موقع «تويتر» Twitter الأميركي (راجع ص 19) الاسم الأبرز في اعتماد هذا النوع من التدوين، لم تستطع الدول العربية اعتماده إلا عبر شبكة الإنترنت (لا عبر الرسائل الهاتفية sms). لكنّ المشاركات العربية على «تويتر» (12 ألفاً ومئتي مشترك) تقتصر اليوم على «الثرثرة الإلكترونية» من دون صفحات ذات أهمية. والسبب يكمن في عدم «نضوج» فكرة التدوين المصغّر عند المواطنين العرب بعد. والـ micro- blogging يقوم على مشاركة عدد كبير من الزوار بالأفكار والآراء في أقل عدد من الكلمات الممكنة. لكن، منذ سنوات قليلة، برزت بعض المحاولات العربية لتقريب فكرة «تويتر» الأساسية من المشاركين العرب وخلق مجموعة «تويتريين عرب» يعتمدون مبدأ التدوين المصغّر... بالعربي.
المحاولة الأولى جاءت بسيطة اعتمدت على تعريب «تويتر»، أي الإبقاء على الموقع كما هو مع تسهيل كتابة الرسائل عليه وقراءتها باللغة العربية (من اليمين إلى اليسار). الموقع (/http://www.artwitter.com) أطلقه المدوّن السعودي محمد الرحيلي الذي يشرح أنّ سبب ابتكاره الموقع يعود إلى «المعاناة التي واجهها الزوّار العرب في قراءة الرسائل العربية على «تويتر»». ويضيف الرحيلي أنّ «تويتر العربي» يتّصل بموقع «تويتر» (الأم) الذي يطلب معلومات المشترك، فيُعطى إياها، وبعدها يتمّ الرد بالرسائل الخاصّة بالمستخدم التي تعرض على الواجهة العربية من الموقع أي من اليمين لليسار. إذاً، artwitter لا يخزّن معلومات لنفسه بل يجلبها من الموقع الأم ويحوّلها إلى الصفحة العربية كي تسهل قراءتها على المشاركين العرب. مع ذلك، تبقى مشاركة العرب في «تويتر» الإنكليزي أكبر من مشاركتهم في الموقع العربي التابع له. يذكر أنّ الإمارات العربية المتحدة والسعودية تسجّلان أكبر عدد من «التويتريين» في المنطقة، وقد وصلت إلى نحو 4900 مشترك في الإمارات.
المحاولة الثانية، وهي أكثر ابتكاراً، تتمثل في Watwet «وَت وِت» (/http://watwet.com). يقوم الموقع على مبدأ التدوين المصغر ويشبه إلى حدّ كبير موقع «تويتر» حتى من حيث التسمية. «وَت وِت» ذو الشكل الغرافيكي المميز، انطلق منذ عام 2007 في الأردن على يد شابين أردنيين وبمساعدة خبيرين أجنبيين. وقد اعتمد الموقع في الأردن على وسيلتي التواصل إن عبر الموقع (الإنترنت) أو عبر الهاتف الخلوي. وهو، رغم هويته العربية، إلا أنّ اللغة الإنكليزية تطغى عليه! هي متوافرة على صفحة الاستقبال الأولى، والرسائل المختارة من الموقع ترد في أغلب الأحيان بالإنكليزية. كما أنّ التعريف بخصائص الموقع وأهدافه ترد أيضاً بالإنكليزية. «أردنا أن يكون لسكان منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي موقع تفاعلي كـ«تويتر»» يقول وحيد البرغوثي لـ«الأخبار» وهو أحد مسؤولي الموقع. ويبرّر البرغوثي طغيان اللغة الإنكليزية، بالقول «نحن نصبو إلى العالمية. لذا اعتمدنا الإنكليزية كاللغة الأوتوماتيكية للموقع». من جهته، يشير البرغوتي (24 سنة) إلى أنّهم قاموا بتحديثات كثيرة على الموقع وأطلقوا خدمات متعدّدة مثل تحميل الصور والأشرطة المصوَّرة ونظام الـ sms وأخيراً اعتماد نظام الـ API. الشاب المتحمّس الذي يأسف لاستخدام المواطنين العرب مواقع مماثلة بغية «المغازلة الإلكترونية أو مجرد الثرثرة»، يأمل أن يفهم هؤلاء مبدأ التدوين المصغَّر «مع الوقت». كما يكشف أنهم «في صدد إطلاق خدمات التفاعل عبر الرسائل الهاتفية القصيرة في لبنان والسعودية ومصر قبل نهاية العام». البرغوثي يريد من «وت وت» والمواقع الشبيهة الأخرى أن «تسهم في زيادة التفاعل بين الدول العربية، وإفساح المجال للتعبير عن الذات» كاشفاً أنّ عدد الزوار بلغ 25 ألفاً. يُذكر أنّ «وت وت» منبثق عن شركة «توت كورب» Toot corp التي أطلقت مدوّنة «توت» (http://itoot.net/) التي ترصد أحدث المدونات العربية وأفضلها وتعرضها على الزوار وتتيح لهم المجال لمناقشة محتواها مباشرة على صفحات المدونة.


بالأرقام

يأتي «تويتر» في المرتبة الخامسة بعد «غوغل» (الأول) و«فايسبوك»، و«أمازون» و«ماي سبييس». وقد أظهرت إحصاءات شركة «سيسوموس إنك» أنّ 72.5 في المئة من مستخدميه انضموا إليه في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2009، و 85.3 في المئة من أعضائه يحدّثون صفحتهم أقلّ من مرّة يومياً، و21% من زوّاره لم يضعوا رسالةً عليه أبداً. كما أنّ 53% من المستخدمين هم من النساء مقابل 47% من الرجال. وانضم إلى «تويتر» بعض المشاهير كأوبرا وينفري، باراك أوباما، الملكة رانيا، والممثل الأميركي أشتون كاتشر الذي يملك أكبر عدد من «الأتباع» (أكثر من مليونين وثمانمئة ألف شخص)




موقع الأخبار على تويتر: twitter.com/AlAkhbarNews (قيد الإنشاء)