محمد عبد الرحمنالحريق الذي دمّر أخيراً ديكور فيلم «كلمني شكراً» لم يستمرّ أكثر من ساعتين، لكن آثاره لا تزال تسيطر على السوق السينمائية المصرية لا على أصحاب الكارثة فقط، أي «ستديو مصر» والمنتج كامل أبو علي ومعه المخرج خالد يوسف. الحريق الذي يعد الأضخم في تاريخ السينما المصرية أدى إلى خسائر تقدر بمليون ونصف مليون دولار. وهي خسائر الحريق فقط ولا تشمل تعويض ما صُوّر. وضمت لائحة الخاسرين إدارة «استديو مصر» أحد أعرق الاستديوهات المصرية، حيث باتت إدارة الاستديو وكل إدارات الاستديوهات في مصر متهمة بعدم الاهتمام بالأمن الوقائي. وهي تهمة تطارد كل مجالات الفنون في مصر منذ حريق مسرح بني سويف الشهير الذي راح ضحيته عشرات النقاد والفنانين الشباب. إذ لا تزال العقلية الإدارية المصرية ترفض الإنفاق على احتياطات الأمن، وهو ما ينطبق على منتجي السينما في مصر. كلما تعرّض فنان لحادث أثناء التصوير، تعلو الأصوات مطالبةً بالتأمين على الممثلين قبل دخول أي عمل جديد. ومع الوقت، ينسى الكلّ المطلب حتى تقع حادثة

تكبّد فيلم «كلمني شكراً» خسائر تُقدّر بمليون ونصف مليون دولار
جديدة. هكذا، جاء حريق «كلّمني شكراً» ليؤكد أنّ التأمين مطلوب لكل عناصر العمل الفني وليس العنصر البشري فقط. لكنّ الأزمة تكمن في أنّ المنتجين لا يجدون ضرورةً في دفع أموال لشركات التأمين تطبيقاً للمبدأ المصري الشائع «ربنا اللي بيستر»، ما أدى إلى إسقاط شركات التأمين السوق السينمائية من حساباتها لأنّ التعاون المشترك يتطلب جلسات ونقاشات لا حصر لها لبلوغ إطار يحدد كيف يمكن أن تسهم تلك الشركات في حماية عناصر الإنتاج. مثلاً، لن توافق شركة على تأمين فيلم يُصوَّر في استديو لا تعمل فيه صنابير المياه. إذ تؤكد تفاصيل الحريق أنّ سيارة الإطفاء الأولى جاءت فارغة من المياه. وعندما حاولت الحصول على ماء من الاستديو، لم تجد أي شيء. ما أسهم في تسريع تدمير الديكور خلال زمن قياسي. فالديكور تكوّن من مواد سريعة الاشتعال ليس ممكناً الاستعانة بها في حال التأمين على الفيلم. ما يعني تغييراً جذرياً في تقنيات الإنتاج السينمائي في مصر. وهو ما يؤدي إلى تجميد الوضع انتظاراً لكارثة جديدة. وكما هي العادة، أصبح «الماس» الكهربائي المتهم الوحيد في حادث «كلمني شكراً» تماماً كما يحدث في حرائق المصانع والمخازن التي تقع في الصيف تحديداً. وأصبح المهم لدى المتضررين من الحريق أنه رغم الخسائر الكبيرة، لم يصب أي شخص بأذى. مع ذلك، قضت النار على آمال أبطال الفيلم بإنهاء أكبر قدر من المشاهد قبل شهر رمضان تمهيداً لعرض الشريط في موسم عيد الأضحى. وهو الموعد الذي بات مشكوكاً فيه إلا لو نجح المخرج خالد يوسف في مواجهة الرماد وتحقيق إنجاز يخفف من صدمة الحريق الذي أصاب السوق السينمائية في مصر بالخوف الشديد.