بيار أبي صعبليس هناك ما هو أخطر على النقاش الحرّ من العشوائيّة. فخلط المفاهيم والقيم، من دون أسس عقلانيّة، ومعايير واضحة، وتحديدات علميّة مصطلح عليها، ثم تغليف هذا الخطاب بشعارات مثيرة للأهواء والمخاوف... من شأنه أن يزج بأي نقاش في دوامة من التشنّج والفوضى. وإذا بالطريق مفتوحة على اتساعها، أمام مختلف أشكال الأصوليّة والفاشيّة والتوتاليتاريّة.
بسمة النسور لم تفعل أقل من ذلك، حين أثارت قضيّة المثليّة في العالم العربي، بكثير من التسرّع والتسطيح والخفّة، في مقالة نشرتها «الغد» الأردنيّة، وتتواصل ردود الفعل عليها منذ أسابيع... في مقالتها التي تحمل عنواناً معبّراً: «قليل من التخلّف لن يضرّ» (أحقاً؟)، تنطلق القاصة الأردنيّة من ظاهرة خروج المثليين إلى الضوء في بلدها، ومطالبتهم بحقوقهم، لتلصق صفات المرض والجريمة، بسلوك جنسي من حقها كفرد أن تقبله أو ترفضه. فالمثليّة تستدعي في وعي الكاتبة المشوّش، «الدعارة» تارةً و«التحرّش بالأطفال» تارةً أخرى. بل إنها تستخفّ بآفات بغيضة مثل «اللاساميّة» التي تربط، بسخرية في غير مكانها، بينها وبينها «رهاب المثليّة»... مختزلة المسألة إلى كون الموضة «الكول» تقتضي التبرّؤ من هذين «المرضين». هل نفهم أنّها مصابة بالآفتين معاً؟
إن تجاهل التطوّر الذي عرفته المجتمعات الحديثة، وكلّ ما تبنّته القوانين في العالم، من أجل دغدغة مشاعر القارئ وتحقيق «الإجماع»، أمر مستغرب من أديبة تتمرّد نصوصها على التقاليد والقيود الاجتماعيّة... ومن محاميّة مثقّفة في مجتمع يعرف نسبة مرتفعة من العنف ضدّ المرأة. العنف الذكوري هو نفسه في الحالتين يا بسمة، وها أنت أداته من حيث لا تدركين ولا تريدين!