نوال العلي
في غاليري The running horse، نشاهد ظهوراً قوياً للسكيتش. الخطوط بعشوائيتها وبدائيّتها الفنية واضحة ومقصودة في أعمال معرض Blank to Basics الذي ينتهي اليوم، وضمّ التشكيليين عمران القيسي وشارل خوري، ورسّامة الرسوم المتحركة لينا مرهج، والتشكيلي جان مارك نحاس، وفنان الغرافيتي سيسكا، ومصمّم الغرافيك ألفريد طرزي.
ربما تكون لوحات طرزي الثلاث هي الأكثر إثارة للانتباه، مواد مختلطة على ورق وألوان باردة وقليلة. لكن عمله كمصمم غرافيك يظهر في تقسيمه للعمل في أبعاد اللوحات وطريقة الرسم. في «أنت شاب وستنسى»، يظهر العمل المقسَّم إلى خمسة كادرات مستطيلة كأنها بنية هندسية للوحة، تظهر فيها مؤخرة حصان وبشر، أحدهم يحمل مظلة تحت سماء ملطخة بالأحمر. التقسيم يساعد المشاهد على رؤية الأرض ومن عليها وما تحت الثرى أيضاً. وكذلك هو عمله «مئة وأربعون طريقة للموت» وفيها 140 صورة صغيرة لوجوه من ضحايا الحرب الأهلية. أليس ملفتاً أن تحت هذه الصور صلباناً فقط تدل على قبور. هناك عمل آخر «هشك بشك» (الصورة) وفيه صورة ياسر عرفات يصافح أحدهم والخلفية رقصة رائعة لروبي.

«هشك بشك» يُظهر صورة ياسر عرفات يصافح أحدهم على خلفية رقصة لروبي

أما أعمال عمران القيسي فقادمة من «مدينة لامرئية» أو معلّقة تشبه بابل ومستوحاة منها. الرموز والإشارات النخلة والوجه الشرقي عالم يبدو كأنّه واحدة منشودة. في الأعمال المتحركة للينا مرهج، ثمة حسّ طفولي لكنه خيال مرعب أيضاً. تعلق الطفولة بالهدم، لا بالبناء، ما يجعل الأعمال حالةً فريدةً. تبدو مرهج كأنّها تغمس ريشتها في فيلم كرتون فتأتي ألوانها حيوية وشقيّة. مثل لوحة «السمكة علقت» وفيها سمكة تحاول الإفلات من حوض سباحة فتعلق في الجدار. خيال متحرك فعلاً.
أمّا أعمال جان مارك نحّاس فهي بالأسود والأبيض، وفيها خط حكاية. بل إن اللوحة مقسّمة إلى إطارات كأنها مجلة رسوم مصوّرة، كل مربع يحكي جزءاً من القصّة أو «الموقف» الذي تحمله كما هو عنوان اللوحات الثلاث.
هكذا هي لوحات هذا المعرض الثلاثين: مواقف مختلفة من بيروت وبغداد والحروب، قد تكون مارست عليها الغاليري شيئاً من الرقابة. إذ طلبت من الفنانين رسم خمس لوحات تختار هي ثلاثاً لتعرضها. مع تقليب اللوحات المستبعدة، نفهم أنّ الغاليري أدّت دور الرقيب السياسي، رغم أنّها تترك اللوحات المستثناة على طاولة، لكنها لا تقدمها للمتلقّي بنفسها!