الإعلامي المصري الذي حلّ ضيفاً على برنامج «الحياة والناس»، أعلن أنّه لن يتقاعد، بل يفكّر في تأسيس قناته الخاصّة والتدريس في الجامعة. وكشف عن الضغوط الكثيرة التي تمارس عليه بهدف إسكاته، وكان آخرها توقيف برنامجه على قناة «الليبية»

محمد عبد الرحمن
لا جديد ولا استسلام في الوقت عينه! هكذا أكّد حمدي قنديل في تصريحاته، أول من أمس، للإعلامية رولا خرسا، ضمن برنامجها «الحياة والناس» على قناة «الحياة 2». أحد أبرز إعلاميي جيل الستينيات في مصر الذي يتمتع بشعبية كبيرة في مصر والوطن العربي، أكّد أنّه لا يعرف حتى الآن خطوته المقبلة بعد تأميم قناة «الليبية» بسبب برنامجه الذي تناول ما عُرف بـ«خلية حزب الله» في مصر، وأزعج السلطات الرسمية التي طلبت من ليبيا إيقاف البرنامج. وقال قنديل إنّه لا يعرف إن كان يشعر بالراحة للابتعاد عن شاشة القناة التي أُمّمت بسبب برنامجه، لكونه شعر أنه حتى لو استمر، سيصبح طرفاً في نزاعات داخلية في الجماهيرية الليبية. فيما كان السؤال المسيطر على رولا خرسا هو: لماذا يتعرّض حمدي قنديل بالذات لهذا القهر؟ ليؤكد صاحب برنامج «قلم رصاص» أنّه حتى الآن لا يعلم سبباً مباشراً للمطاردة التي جعلته يخرج من مصر متجهاً إلى دبي ثم لندن قبل أن يعود إلى مصر من جديد، لكن بعيداً عن شاشة التلفزيون.
قنديل أشار لأول مرة إلى أنّه تلقّى مكالمة من الصحافي المعارض عبد الحليم قنديل في عام 2005 يطالبه فيها بالترشح إلى رئاسة الجمهورية في انتخابات موازية كانت حركة «كفاية» تنوي إقامتها مع الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية هذا العام. حمدي فضّل الابتعاد وقتها عن هذه الأنشطة، لكنه بدأ يعتقد أنّ لهذا الترشيح دوراً كبيراً في ما حدث له طيلة السنوات الأربع الماضية. وأكّد أنه تلقّى عرضاً من قناة مصرية خاصة بالعودة إلى الشاشة بشرط واحد، هو أن يجري حوارات لا تتضمّن رأيه في القضايا العامة، أي أن يكتفي بطرح الأسئلة! قنديل رفض العرض لأنّ الجمهور أحبّه بالطريقة التي اعتاد الظهور بها على الشاشات، ولا يمكنه تغييرها، وخصوصاً أنّ الأمر يتعلق بضغوط، فيما هو لا يطمح فقط بالظهور على الشاشة أو الحصول على راتب، كي يصبح «إعلامياً منزوع الدسم». وأشار إلى أنّ «تلفزيون دبي» ظل يدفع راتبه أشهراً عدة بعد توقّف البرنامج على أمل العودة ببرنامج جديد، إلا أنّه رفض الاستمرار على هذا المنوال، لأنه يريد أن يعمل ولن يُسعد براتب وشقة وسيارة في دبي. فالاعتزال غير وارد على الإطلاق، والبدائل المتاحة له حالياً هي التدريس في الجامعة، أو الكتابة الصحافية اليومية، إلى جانب التفكير في تأسيس قناة مع بعض المموّلين. لكنّ المشروع ما زال مجرد فكرة، فالعقبات لا تنتهي، ضارباً مثلاً بما حدث مع تلفزيون «الجديد» عندما وافقت إدارة القناة اللبنانية على طلبه تصوير البرنامج في القاهرة، وكان ذلك قبل أسابيع عدة، وبعد ثلاثة أيام، عادت إليه الإدارة لتقول إنّها تلقّت تحذيراً بقطع الإرسال على قمر «نايل سات» في حال التعاون مع حمدي قنديل!
وعمّا تردد عن مفاوضات مع التلفزيون المصري، قال قنديل إنّ الأمر لا يتعدّى «المناوشات». خلال شائعة تعاقده مع «المنار»، تلقّى اتصالاً من شخصية وسيطة تنصحه بالتراجع حتى «لا يقطع خط الرجعة إلى مصر»، كأن هناك خط ذهاب على حد قوله. فهو إعلامي مصري قبل أي شيء، ومن حقّه أن يعيش في بلده ويخرج ويدخل منه كما يشاء. وأكّد أنّه لن يعدّ عروض التلفزيون المصري حقيقيةً، إلا إذا قابل مسؤولاً داخل المنظومة الإعلامية الحكومية رسمياً، مشيراً إلى أن تلك المنظومة ـــــ رغم التطوير الذي شهدته أخيراً ـــــ لا تزال تعاني من غياب احترام الرأي الآخر.
في نهاية الحوار، تكلّم قنديل عن العديد من الشخصيّات السياسية التي قابلها في حياته المهنية والحوارات التي ندم عليها، مثل حواره مع الأسير الإسرائيلي عساف ياجوري (كان عقيداً إسرائيلياً في حرب أكتوبر 1973) لأنّه في النهاية حاور شخصاً مكبّلاً بالقيود، وعرض على الشاشة قدراته كمحاور للبلد المنتصر، لكنه يشعر بالأسف حيال هذا الحوار فقط، لأنّ الإسرائيليين لم يندموا إطلاقاً على تصرّفاتهم تجاه العرب. بالتالي، لن يستطيع أن يمنحهم اعتذاراً عن هذا الحوار، فيما أكّد أن الرئيس السوري بشار الأسد طلب مقابلته للمرة الأولى ليسأله فقط عن سبب إيمانه بالقومية العربية إلى هذا الحد. وقال قنديل في نهاية حواره مع رولا خرسا أنّه مؤمن بالقومية لأنّ معظم الناس في الشارع العربي ما زالوا مؤمنين بها. فالإعجاب به يرتبط بتأييد الجمهور لأفكاره السياسية لا لشخصيته كمحاور، أو لأنه وجه تلفزيوني شهير. وكان قنديل ـــــ المعروف بميوله الناصريّة وجرأته وتبنّيه خط الممانعة ـــــ قد اشتهر في برنامج «رئيس التحرير» في التلفزيون المصري، و«مع حمدي قنديل» على شاشة art، قبل أن ينتقل إلى «دبي» ثم قناة «الليبية».


عرفات والقذافي ... وبو تفليقة

ياسر عرفات مات مسموماً! هكذا أكّد قنديل الذي يعرف الزعيم الراحل منذ الخمسينيات عندما تزاملا في النشاط الطلابي في القاهرة. وعن معمّر القذافي (الصورة)، قال إنّه رغم كل الانتقادات لسياساته، يجد نفسه منحازاً عاطفياً للزعيم الليبي منذ تصدّيه في نهاية الستينيات لمنع الطائرات الإسرائيلية من التحرك ضد مصر عبر القاعدة العسكرية الأميركية. فيما أكد احترامه للرئيس عبد العزيز بو تفليقة الذي التقاه خلال تغطية الأيام الأخيرة من وجود الاستعمار الفرنسي في الجزائر، لكنه ما زال حزيناً لتمسّك الرئيس الجزائري بالاستمرار لفترة رئاسية ثالثة