نوال العليالمسرحيّ روبرتو سانشيز كامو يدرك مفهومه عن المدينة المثلّثة. أمّا فهم بيروت، فيكاد يكون مهمةً مستحيلة له. ثمة فعل ورد فعل وشاهد على كل هذا. لهذا وقع الاختيار على الشكل المثلث، كهندسة نموذجية لتقديم شهادة عن الحياة. لماذا أتى هذا النيويوركي التشيلي إلى هنا ليطبق مفهومه عن الفن الحيّ والمسرح التفاعلي و«المدينة المثلّثة»؟ قال إنّه أتى مدفوعاً بتاريخ متشابه من أحداث دامية جرت في العاصمتين سانتياغو وبيروت. ورغم تقارب التاريخ وكونه دافعاً لاستكشاف هذه المدينة، يراد لهذا المفهوم الذي ابتكره سانشيز أن يترصد مستقبل المدينة لا كيف كانت.
في الصفحة السابقة، ستجد مقالاً عن موقع لميا جريج، لا يمكننا إلاّ أن نستعيده في هذه اللحظة، للتفكير في بيروت وعلاقتها بالفنون المختلفة. متى يبدأ الفن بأن يكون مستقبلياً أو راهناً، ويكف عن أن يكون ماضوياً؟ يبدو أن حاضر بيروت هو الزمن الضائع الذي يلزم البحث عنه. وقد يكون هذا أحد أهداف سانشيز من «فرقة لوتوس» (لندن ونيويورك) ورفاقه في «فرقة زقاق المسرحية» (لبنان).

يقوم العرض على ثيمتين هما الشائعة والخرافات

تقوم فكرة العرض الذي ينطلق الليلة ويستمر حتى 21 الحالي، على إدارة ثلاثة عروض في ثلاثة مواقع سريّة ومختلفة من بيروت. وكي يكتشف الجمهور هذه المواقع السريّة، يدعو المنظمون إلى ثلاث نقاط التقاء هي: موقف السيارات بمحاذاة مسبح «لونغ بيتش» (المنارة) أو مقهى «بارومتر» (شارع الحمرا) أو على قارعة الطريق عند مفترق سامي الصلح وفرن الشباك في منطقة العدليّة. من هناك، تنطلق كل مجموعة لتعثر على موقع العرض عبر إشارة محددة تعطى لكل منهم لترشدهم إلى مكان المسرحية. وبمجرد وصول المرء إلى إحدى هذه النقاط، يصبح شريكاً، بل نقطة انطلاق لعرضه المسرحي الشخصي إن جاز التعبير، بمشاركته في كوميديا أو تراجيديا البحث عن المسرحية.
يقوم العرض على ثيمتين هما الشائعة والخرافات. إذ تعد الظاهرتان محركين اجتماعيين خطيرين. سيُرصد عبر إشراك الجمهور في تطور كل عرض على حدة. هناك شائعات ستنتشر وكلمات تشبه المفاتيح قد تهديهم أو تضللهم وتسهم في تحويل مجرى حركتهم وتغيير طريقهم.
ثمة ثلاثة عناصر رئيسة في كل عرض، وهي العناصر التي تكوِّن الخرافات وتصنعها كما ترى فرقة «زقاق» وشركاؤها، وهي الإقناع والطقس ونذائر النحس. هذا العالم كله يُبنى عبر استعادة القصص والذكريات والأساطير المتعلّقة بالمدينة. ثمة عودة إلى ماضي المكان وجغرافيته مرة أخرى إذاً! وهي محاولة تضيء أيضاً العلاقة بالمكان ويعاد إنتاجها في ضوء عمل جماعي، إذ يشارك الجمهور الآخرين في ذكريات عن بقعة معيّنة في المدينة، هل تشبه هذه العروض جلسة علاج نفسيّة جماعية؟ وهل ستؤثر ذكرياتنا على انطباعات الآخرين عن المكان؟
سيتضمّن العرض فيديو آرت وموسيقى وفنوناً مختلفة. وعما إذا يمكن إطلاق مصطلح «مسرح» على هذا النمط من الفنّ، أم هو فن معاصر، يبدي الفنانون الشباب عدم اكتراثهم بالمصطلحات. هم يصنعون الفن وعلى الآخرين إيجاد تسميات له. وربما يمكن اعتباره شكلاً من المسرح التفاعلي المفتوح على أشكال تعبير أخرى.
من «زقاق» التي تأسست عام 2006، تشارك دانيا حمّود، جنيد سري الدين، مايا زبيب، لميا أبي عازر، عمر أبي عازر، روي ديب. ويتجاوز عدد الفنانين في العروض الثلاثة، العشرين. ومن فرقة «لوتوس» جون مايكل روسكي وجنا روسّي كامو... هذه الليلة، Triangulated City رحلة من نمط خاص في انتظار الجمهور، شوارع نعرفها، غير أننا لن نكون العابرين أو أولئك المارّة.


6:30 مساء اليوم وغداً وبعد غد ـ للاستعلام: 03/692724
www.zoukak.org