بشير صفير
أطلق الإمبراطور ميشال الأول، حاكم «نوويرستان» (أرض اللامكان)، الفنان الإسباني الغجري خوسيه غالفيز في عمل بعنوان «غالفيز وأوركسترا نوويرستان الوطنية». الأسطوانة الجديدة التي تقدمها وزارة الثقافة (الوهمية) في نوويرستان (كما ورد في الكتيِّب) بالاشتراك مع شركة «إلِف ريكورد»، يمكن مقاربتها من جوانب عدّة، فنية وغير فنية. الفرقة التي ترافق خوسيه غالفيز هي أوركسترا نوويرستان الوطنية، التابعة للـ«وطن» الذي أسّسه ميشال ألفتريادس. لا شك في أن ألفتريادس شخصية مميزة في المجتمع (اللبناني أو الأوسع). وصِفة «مميزة» هنا تحمل المعنى الإيجابي ونقيضه. فـ «بدعة»



مقطع من "Quizás"







نوويرستان، فكرة ممتازة بحد ذاتها. لكنها طوباوية بالتأكيد. وتاريخياً، أثبتت التجربة أن مشاريع مشابهة احتاجت إلى سنوات من التخطيط والدماء والعرق والفكر، واصطدمت مع ذلك بالواقع رغم أنها كانت أكثر واقعية من نوويرستان. ما الهدف من تأسيس إمبراطورية وهمية؟ هل تأكد الإمبراطور ميشال الأول (كما يسمّي نفسه) أن السلطة (سلطته) المطلقة غير ممكنة في أي مكان، فخلق اللامكان وأعلن نفسه حاكماً مطلقاً عليه؟ وما هي مقومات هذه السلطة غير المال؟ الفلسفة والفن والعدالة؟ مُمكِن!
الكلام عن نوويرستان فرض نفسه، لأنّها احتلت الحيز الأكبر في كتيِّب الأسطوانة. لكن لنترك رمز «يسار الكافيار» ورؤيته الفلسفية للعدالة بحالهما، ونعُدْ إلى «غالفيز وأوركسترا نوويرستان

حوى الألبوم ذو العلبة الأنيقة 13 أغنية بالإسبانية

الوطنية». موسيقياً، يمثّل هذا الألبوم بانوراما نمطيّة للمشاريع التي سبق أن أطلقها ألفتريادس. الأغنيات طغى عليها جوٌّ هجين، هو مزيج بين الفلامنكو بطبيعة الحال (صوت غالفيز وغيتاره،...)، والموسيقى الغجرية اليوغوسلافية (النحاسيات) والشرقي (آلات وإيقاعات وبعض الأنغام التراثية)، والموسيقى اللاتينية... هكذا يكون المشروع قد استذكر تجارب إلفتريادس مع وديع الصافي/خوسيه فرنانديز وطوني حنّا وحنين والأخوين شحادة...
حوى الألبوم ذو العلبة الأنيقة الفاخرة 13 أغنية بالإسبانية، بعضها من الكلاسيكيات الإسبانية أو الأميركية اللاتينية وبعضها جديد، أو خاص نصّاً وموسيقى (ألفتريادس أو غالفيز)، إضافةً إلى توليف لقدّ حلبي. تولى ميشال إعدادها الموسيقي، ونفّذتها «أوركسترا نوويرستان الوطنية» بإتقان ودقة. وهنا يجب الإشارة إلى أنّه لا يمكن الكلام هنا عن توزيع موسيقي، أكثر منه عن اتفاقات عامة للمرافقة الموسيقية، تتخللها بعض الفواصل الثابتة (فيها الجيد وفيها البديهي المستنزَف). أما المسك فتُرك للختام: أغنيتان ينفرد فيهما غالفيز بالغناء مع مرافقة للبيانو (نتحفُّظ على الجزء المستهلَك منها).