بشير صفيرما هو جديد موزار (1756 ـــــ 1791)؟ سؤال غريب طبعاً. المؤلف النمساوي توفي منذ أكثر من قرنين، وما «الجديد» سوى مقطوعتين اكتشفتهما أخيراً مؤسسة أبحاث نمساوية متخصصة، ونسبتهما إليه بعدما تأكدت من هوية مؤلفِّهما، وحتى من عمره عندما وضَعهما. إنهما مقطوعتان قصيرتان (55 ثانية و4 دقائق و12 ثانية) للكلافسان، كتبهما أماديوس الصغير وهو بين السابعة والثامنة، أي بعد حوالى سنتين من خوضه غمار التأليف! بعيداً من عظمة موزار، هذان العملان جميلان، لكنّهما ليسا عظيمين، وقيمتهما تاريخية أكثر مما هي فنية. والاكتشاف الذي احتل رأس العناوين في الإعلام، وجرت مقاربته على أنه حدث تاريخيّ، ومن ثم فنيّ، هو أشبَه بتسلية قام بها طفلٌ لا يجيد اللعب إلا بالنوتات، وهذا كلام واقعي، لأن موزار لم يعش طفولته ولم



مقطع من "Lacrimosa (from Requiem)"







يدخل المدرسة إطلاقاً! ولكن، من يعرف الأعمال الكبيرة التي كتبها لاحقاً صاحب الـRequiem، يلتقط في «جديده» أشعة العبقرية الموسيقية الأولى التي أشرقت في ما بعد شمساً نوَّرت العالم ليل نهار.
والعملان ـــــ كمعظم أعماله الأولى ـــــ كتبهما موزار للكلافسان لا للبيانو، كما قالت معظم وسائل الإعلام المرموقة، وهما في نغمة «صول ماجور»، وقد أدّاهما النمساوي المغمور فلوريان بيرساك في تاريخ 2 آب (أغسطس) الجاري.
ولكن قد يسأل سائلٌ: لماذا لم تُكتشف هذه الأعمال من قبْل؟ هل

عملان جميلان للكلافسان لكنّهما ليسا عظيمين، وقيمتهما تاريخية أكثر مما هي فنية
اكتمل كاتالوغ أعمال موزار؟ هل ستُكتشف أعمالٌ أخرى؟ للسؤال الأول جواب واضح، يمهد للإجابة عن السؤالين الآخرَين: لقد كتب موزار مئات المؤلفات في مدة زمنية قصيرة، وأكدت الأبحاث أنّ الجهد الذي يتطلّبه هذا العمل (بغض النظر عن قيمته الفنية)، نسبةً إلى الوقت القياسي الذي أنجِز خلاله، أمرٌ «غير ممكن» بشرياً (وإذا أضفنا القيمة الفنية، يمكن إزالة المزدوجَيْن). وهذا الكمّ من المدونات يستحيل أرشفته وحفظه، وبالتالي، تعرّضت مؤلفات للفقدان عبر السنين، ومنها ما أكدت الوثائق (رسائل، سجلات، مذكرات) وجوده حقاً. العديد من هذه الأعمال اكتشف من دون سابق إنذار (أي دون اعتقاد مسبق بوجوده)، وبعضها وجد بعد بحثٍ منطلق من يقين بوجوده أساساً. وهنا يصبح الجواب عن السؤال الثاني: كلا. وعن الثالث: نتمنى. ويبقى السؤال الأهم: هل اكتشف البشر موزار؟