نجوان درويش آخر ملامح استعمال السينما في تغطية جرائم إسرائيل هو استغلال مهرجانات سينما عالمية، كما يحدث الآن مع مهرجان «تورنتو السينمائي الدولي» (10 ـــــ 19أيلول/ سبتمبر) في كندا. إذ يخصص المهرجان تظاهرة «من مدينة لمدينة» لـ«الاحتفاء بمدينة تل أبيب وتعدّديّتها»! هكذا، ستعرض التظاهرة أفلاماً تتعلق بتل أبيب وبعضها لمخرجين يروَّج لهم عربياً كـ«يساريين» و«مناهضين للاحتلال»! الأمر الذي دفع بعض المخرجين والمشاركين في «تورنتو» إلى مقاطعته وسحب أفلامهم، ومنهم المخرج الكندي جون غريسون والكاتبة نعومي كلاين، إضافة إلى بعض مخرجين إسرائيليين مثل أودي ألوني الذي دعا زملاءه الإسرائيليين إلى مقاطعة «من مدينة لمدينة»، فيما لم يصدر أي تعقيب حتى الآن من المشاركين العرب، وخصوصاً الفلسطيني إيليا سليمان (الصورة) الذي يشارك بفيلمه «الوقت الباقي»، والمصري يسري نصر الله الذي يشارك بـ«احكي يا شهرزاد». وقد أصدرت «حملة المقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل» بياناً يندّد بالتظاهرة، مذكّراً بالطبيعة الاستعمارية لتل أبيب التي قامت على سرقة مدينة يافا الفلسطينية... لكنّ الملاحظ غياب أي موقف للسينمائيين العرب، أو أي إدانة عربيّة لهذا الاستعمال الإسرائيلي لمهرجانات السينما العالمية.

هل يسمع إيليا سليمان ويسري نصر الله نداء «حملة المقاطعة الثقافية والأكاديمية»؟

المقاطعة الثقافية باتت تمثّل مصدراً حقيقياً لخوف إسرائيل. وها هي الأخيرة تعمل رسمياً وشعبياً على تنظيم فعاليات تكسر متاريس المقاطعة وفق سياسة مدروسة لاختراق حركة المقاطعة العالمية، وإن كانت الأخيرة تختلف جذرياً عن المقاطعة العربية التي ترى في إسرائيل برمّتها كياناً معادياً ودوراً استعمارياً لضرب أي نهضة محتملة للعرب.
استعمال السينما في تغطية جرائم إسرائيل هو عنوان أساسي لما يجري في السنوات الأخيرة، سواء من جهة خطاب السينما الإسرائيلية التي يقدّم بعض مخرجيها سرديات صهيونية محتالة تنطلي على بعض «الأذكياء» عندنا، ونعني «نخباً» و«إعلاماً عربياً» لا يكفّ عن الترويج لإسرائيليين ـــــ صهانية بالمعنى الدقيق للكلمة ـــــ ووصفهم بـ«اليساريين» و«المناهضين للاحتلال».
والأخطر من ذلك هو التأثير الإسرائيلي في مشهد صناعة الأفلام الغربي، وعلاقة الأخير بإنتاج مخرجين عرب وفلسطينيين. ترى كم من السرديات الإسرائيلية تُسرّب اليوم في أفلام «فلسطينية» و«عربية»؟