محمد عبد الرحمنفي رمضان هذا العام، غاب السيناريست وحيد حامد عن البرامج الرمضانية رغم أنّه من الضيوف البارزين الذين تسعى القنوات المصرية إلى استضافتهم. غياب حامد فسّره بعضهم برغبته في الراحة والابتعاد عن القضايا الساخنة بسبب حالته الصحية، وثانياً لأنّ آخر ظهور له كان على قناة «المحور» حيث انطلق سجال بينه وبين الداعية معز مسعود حول المشاهد الساخنة في الأفلام المصرية.
لكن ما سبق لم يكن كافياً لتبرير احتجاب وحيد حامد. الكاتب الكبير تعمّد العزلة لإنهاء مشروعه الأهم وهو مسلسل «الجماعة» الذي يتناول تاريخ أكثر الجماعات السياسية إثارة للجدل في الوطن العربي. إنّها جماعة الإخوان المسلمين التي أسّسها الشيخ حسن البنا عام 1928 وحظّرتها الحكومة المصرية عام 1954. لكنّ أعضاءها لا يزالون قادرين على التأثير والحضور على الساحة السياسية المصرية، بالإضافة إلى التنظيم العالمي للإخوان في الدول العربية وغير العربية. بالطبع، سيركّز المسلسل على شخصيّة حسن البنا التي تحظى باحترام كبير لدى الإخوان المسلمين حتى عند

تعالت الأصوات مجدداً بعدما مُنع نجل حسن البنا من الاطلاع على السيناريو

معارضيه. ورشحت شركة «غودنيوز غروب» المنتجة للمسلسل الممثل الأردني إياد نصار لأداء الشخصية المثيرة للجدل. لكن منذ ذلك الحين، لم تصمت الأصوات الغاضبة والرافضة داخل الجماعة لهذا المسلسل، على اعتبار أن تصدّي وحيد حامد للمشروع يعني أنّه سيتخذ موقفاً مضاداً للجماعة، لأنه من أكثر الكتّاب المصريين رفضاً لتيّارات الإسلام السياسي. علماً بأنّه هو صاحب «العائلة» أول مسلسل مصري ضد الإرهاب. وترى قيادات الجماعة أن حامد لن يفرق بين الإخوان وباقي التنظيمات الإسلامية المتشددة التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين ويعتبرها معظم المحللين امتداداً منطقياً لأفكار جماعة حسن البنا.
بعد فترة طويلة من الصمت، عادت الأصوات الغاضبة، بعدما أطلق محسن راضي المسؤول عن النشاط الإعلامي والفني في الجماعة تصريحات تؤكد اقتراب وحيد حامد من إنهاء المسلسل المكوّن من جزءين، مضيفاً أنّ حامد ما زال يرفض السماح لأحمد سيف الإسلام البنا، نجل مؤسس الجماعة، بالاطلاع على السيناريو. فالاعتراض هنا لا يخص الجماعة بمعناها السياسي بل أسرة البنا الذي سيدور عنه الجزء الأول. وأكّد راضي مجدداً أنّ الجماعة تستعد بعمل فني مضاد، سيكون جاهزاً للتصوير بداية العام المقبل، رافضاً الإفصاح عن اسم البطل والمؤلف وباقي عناصر العمل ومصادر التمويل. لكن يبقى سؤال مهمّ يتعلّق بمدى قدرة الجماعة على إنتاج عمل فني وسط الأزمات السياسية التي تعصف حالياً، سواء بسبب سلسلة الاعتقالات التي تعرض لها أكبر قادتها، أو الفراغ الذي سيتركه المرشد الحالي محمد مهدي عاكف. إذ أعلن عدم تجديد ولايته، في محاولة للتأكيد أنّ «الإخوان المسلمين» يؤيدون مبدأ تداول السلطة رغم أن كل المرشدين الذين خلفوا حسن البنا استمروا في المنصب حتى الوفاة.