هنا، لا نساء ولا عجائز ولا أطفال. ولا موسيقى ولا أفلام. وحدهم الشيوخ بلحاهم الملوّنة هم ملوك الساحة، يدلّونك إلى الحلال أينما كان... Naqatube دليلك إلى «بيئة نظيفة ومشاهدة مفيدة»!
صباح أيوب
تبحث عن موسيقى، فتأتي النتائج صفراً. تفتّش عن شرائط كوميدية، فتجد واحداً لشيخ سعودي... يحرّمها. تطبع كلمة «امرأة»، فتنهال شرائط الفتاوى. تبحث عن مقاطع من أفلام قديمة، فتحصل على مقابلات مع شيوخ بلحى ملوّنة تدين الفنّ وتحرّم السينما. تجرّب شرائط الأطفال، فتجد أطفالاً... مشاريع شيوخ. تطبع «السعودية»، فتحظى بصور للعائلة المالكة و... شلالات مياه طبيعية متدفّقة! هذا ما يقدّمه الموقع السعودي الجديد المنبثق عن «يوتيوب» ويدعى «نقاء تيوب» Naqatube.
و«النقاء» يأتي من هوية الموقع الذي يعرّف عنه مطلقوه بأنّه «البديل المناسب للمشاهد المسلم»، وهدفه «نشر مقاطع «يوتيوب» على منهج أهل السنّة والجماعة». لذا، ومساهمة منه في «تنقية» المشاهدة، لا يعرض الموقع سوى الأفلام «الخالية من المحاذير الشرعية» أي تلك التي لا تحوي صور نساء ولا موسيقى ولا إيقاعات أو غناء... ما الذي تشاهده على الموقع إذاً؟ الجواب: شيوخ.

يصفه مطلقوه بأنّه «البديل المناسب للمشاهد المسلم»
قام «نقاء تيوب» بتجميع كلّ إطلالات الشيوخ السلفيّين على الشاشات العربية ووضعها، وفقاً لسياسته، على موقع إلكتروني واحد. سياسة الموقع واضحة: نشر شريعة أهل السنّة والجماعة وإشهار الولاء للعائلة المالكة السعودية. وهي أيضاً انتقائية على خلاف المبدأ «الانفتاحي» الأصلي للموقع الأم «يوتيوب». فلا مصادر على الموقع سوى القنوات السلفية الدينية وقناة «العربية». وإذا فتّشت مثلاً على «لبنان»، فسيعرض لك الموقع شرائط عن «حقيقة حزب الله والشيعة» أو شريطاً آخر بعنوان «هل بالفعل انتصر حزب الله في لبنان؟». وإذا بحثت عن «إيران»، فستجد مطوّلات من شيوخ عن «حقيقة الشيعة» وشريطاً يصوّر «هدم مدرسة سنيّة في إيران» وآخر عن «التفحيط الإيراني»!
مهما يكن الموضوع، الشيوخ حاضرون لتلقينك الفتاوى والاجتهادات والمواعظ. كأن «تفريخ» القنوات الدينية الفضائية التي تحظى بدعم مالي هائل، واحتلال الشيوخ هواءها وهواء فضائيات أخرى لم يعد يكفي. أدرك الشيوخ أهمية مواقع مثل «يوتيوب»، وخصوصاً للشباب، فأبلسوها لكنّهم لم يحرّموها، بل وجدوا السبيل إلى استغلالها لبلوغ مآربهم: لدينا «يوتيوبنا»... وهو حلال! وهنا يختلط التبشير الديني بغسل الأدمغة وخدمة أهداف سياسية وجني الأرباح المادية. أما الوسيلة فنفسها: اللعب على الأوتار الطائفية بحجّة التنوير و«حماية المشاهد من الأذى».
«بيئة نظيفة ومشاهدة مفيدة» هذا هو شعار «نقاء تيوب» الذي يفرض نفسه اليوم كموقع «شبابي» في بلد يصنَّف فيه «يوتيوب» كثالث أكبر موقع من حيث عدد الزوّار وفق موقع «أليكسا». فهل ينجح بواسطة شعاره « شاهِد، إطمئن، انشر» في استقطاب جزء من هؤلاء؟
في شهر واحد، أقفلت السعودية مكاتب «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بسبب «انتهاكها السياسات الإعلامية السعودية» وتركت «نقاء تيوب» يبصر النور ومنعت كتباً عربية وجلَدت أحد «المتَّهمين» بالمثلية الجنسية... كل ذلك بعدما تردّدت أقاويل عن عاصفة تغييرية وأجواء انفتاح مقبلة على المملكة. لكن الواقع الآني لا يدلّ سوى إلى تغيير تلك العاصفة مسارها... ربما إلى غير رجعة.

www.naqatube.com