سناء الخورييهوى هاروكي موراكامي أنّ يعاكس النصائح الموجهة إليه، «تماماً ككل الروائيين». بهذه الحجة، برر الروائي الياباني (1949) تسلّمه جائزة «الحريّة» الإسرائيلية في شباط (فبراير) الماضي، بعد شهرين على مجزرة غزّة. حينها، أثار موقفه الجدل، رغم إدانته للمجازر أثناء تسلّمه الجائزة. عاد اسم موراكامي أخيراً إلى دائرة الضوء. روايته الجديدة، «1Q84» (منشورات Shinchosha) أحدثت حالةً من الهستيريا، منذ صدورها في أيار (مايو) الماضي. أكثر من مليون نسخة بيعت خلال شهر واحد في اليابان، وأعيدت طباعة كتبه القديمة. رواية جورج أورويل «1984» ـــــ المستوحى منها العنوان ـــــ طبعت من جديد أيضاً، وكذلك الأمر مع إحدى روايات تشيخوف المذكورة في كتاب موراكامي، ومعهما مقطوعة Sinfonietta لـ Janacek التي يسمعها البطل في بداية القصّة، إذ وضعتها «يونيفرسال» نغمة رنين للهاتف، وباعت منها «سوني» أكثر من 12 ألف نسخة.

عن ولادة المجتمع المعاصر وأبطال يعيشون على الهامش ويخترعون أحداثاً غرائبيّة

تدور أحداث الرواية عام 1984، (حرف Q يلفظ تسعة في اللغة اليابانيّة)، وهي رواية بوليسيّة، وتشويق، وقصّة حبّ عاصفة وفانتازيا. نقرأ هنا عن الراحلين مايكل جاكسون ولايدي ديانا، وعن عصابة «ساكيكاج» التي تحيل إلى منظمة Aum الدينيّة المتطرفة المسؤولة عن بث الغازات السامة في مواقع مختلفة من مترو الأنفاق، في طوكيو عام 1995. كل هذا، يجمعه صاحب «أندرغراوند» بأسلوب بين الحقيقة والفانتازيا، وفي أمكنة بين الواقع والخيال العلمي.
أمّا البطلان، فقاتلة مأجورة تتخلص من رجال ارتكبوا جرائم عنف بطلب من عجوز ثريّة، وأستاذ في مدرسة ابتدائية يحلم بأن يصبح كاتباً. بين قصص هذين الروتينية والغريبة في آن، نقرأ عن الاحتلال الياباني لمنشوريا ومنغوليا، وغيرها من الأحداث التاريخيّة التي شهدها الأرخبيل. في أوّل رواية له منذ خمسة أعوام، يكتب صاحب «كافكا على الشاطئ» عن ولادة المجتمع المعاصر، عن أبطال على الهامش يخترعون أحداثاً غرائبيّة، ويعيشون تحدياتهم كأبطال الروايات. قد ننتظر أكثر من سنتين لنقرأ الرواية بالإنكليزيّة، وربما أكثر من ذلك بقليل لتصل إلى المكتبة العربيّة... في جميع الأحوال، تبقى ترشيحات نوبل الاستحقاق الأبرز الذي سيجعل اسم موراكامي مادةً إعلاميةً دسمة طيلة هذا العام. هل يفوز الروائي المترفع بالجائزة الخريف المقبل، أسوةً بنجاحه الجماهيري المنقطع النظير؟