ديما شريففي كتابه «الهيمنة الذكورية» الذي صدر معرّباً عن «المنظمة العربية للترجمة» (سلمان قعفراني)، ويوزّعه «مركز دراسات الوحدة العربيّة»، يعود بيار بورديو إلى موضوعه الأثير «العنف الرمزي». هكذا، يعالج مسألة الهيمنة الذكورية على النساء في كلّ الجوانب الحياتية وحتى خلال الممارسة الجنسية. في كتابه، يدعو بورديو النساء إلى الالتزام بفعل سياسي عبر الانسلاخ عن تمرّدهن الانطوائي. كما يفصح عن أمله وأمنيته بأن تسعى النساء إلى اختراع وفرض أشكال من التنظيم داخل الحركة الاجتماعية لهزّ المؤسسات التي تسهم في تأبيد تبعيتهن. لا يخفي الكاتب خوفه من اللجوء إلى أنماط تفكير هي نتاج المهيمن كما يفصح في الفصل الأول من الكتاب الذي يعتمد فيه على معلومات جمعها خلال إقامته في الجزائر وتحديداً في المناطق القبلية. ويعتبر الباحث أنّ النظام الاجتماعي يعمد إلى المصادقة على الهيمنة الذكورية التي يتأسس عليها. المدرسة والدولة وغيرها من المؤسسات تمثّل هيئات لصياغة مبادئ هذه الهيمنة.
فالقوة الخاصة لتبرير النظام الاجتماعي الذكوري تعتمد على مراكمة عمليتين: الأولى شرعنة علاقة هيمنة من خلال تأصيلها في طبيعة بيولوجية. أما الثانية، فهي تأصله في الأشياء من خلال الإيعازات المضمرة التي تتضمنها رتابة تقسيم العمل.
ويرى بورديو أنّ هناك توجهاً لوضع النساء في حالة من التبعية الرمزية. إذ إنّهن موجودات من أجل نظرة الآخرين إليهن. ويتطرق إلى رواية «نزهة إلى الفنار» للكاتبة البريطانية فيرجينيا وولف التي تعالج الرؤية الأنثوية للرؤية الذكورية.
ويقول بورديو إنّه يجب إعادة بناء تاريخ العمل التاريخي عبر إلغاء التاريخانية التي يعيد النظام الذكوري إنتاج نفسه من خلالها. ويرى أنّ هذا النظام يعيد إنتاج نفسه من خلال العائلة التي تؤدّي دوراً أساسياً في إعادة إنتاج الهيمنة الذكورية. كما تسهم الكنيسة في ذلك عبر عدائها العميق للنسوية وهي تلقِّن أخلاقاً تهيمن عليها قيمٌ بطريركية. أما المدرسة، فلها دور مهم أيضاً. إذ إنّها تورث افتراضات التمثل البطريركية القائمة على التجانس بين علاقة رجل/ امرأة وعلاقة راشد/ طفل، إلى جانب الدولة التي جاءت تصادق على أوامر البطريركية وتحريماتها، كما يقول. ويستعين بورديو بميشال فوكو ليربط بين مفهوم الجنسانية والسلطة الذكورية.
ويرى أنّ علاقة الحب بين رجل وامرأة هي هيمنة مقبولة يحصل فيها نوع من الهدنة الإعجازية، إذ يحصل تطابق في فعل الاستلاب ويمكن أن تنقلب على الرجال أيضاً.
ويعتبر بورديو في الفصل الملحق بالكتاب أنّ حركة الرجال المثليين والحركة السحاقية تمثّلان نوعاً من التمرد، وخصوصاً على العنف الرمزي.