افتقدت الأكشاك أمس جريدة «الإمارات اليوم» التي غابت نتيجة قرار قضائي أوقف صدورها عشرين يوماً بعد تحقيق نشرته عن إسطبلات تابعة للعائلة الحاكمة في أبو ظبي
فرح داغر
غابت أول من أمس صحيفة «الإمارات اليوم» عن قرائها في الإمارات، تنفيذاً لقرار المحكمة الاتحادية العليا الذي قضى بوقف الصحيفة 20 يوماً والاستعاضة عن إغلاقها بالشمع الأحمر. وأفاد مصدر في الصحيفة أنها تلتزم قرار المحكمة وتحترمه، وأضاف إن «الصحيفة ستعود إلى قرّائها ومعلنيها بعد تنفيذ الحكم». وهو الأمر الذي أكّدته «المجموعة الإعلامية العربية» ـــــ الجهة المالكة للجريدة ـــــ على صفحات جريدة «البيان» الرسمية. علماً بأنّ «المجموعة الإعلامية العربية» تابعة لـ«مجموعة دبي القابضة» التي يملكها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس الوزراء وحاكم دبي.
وبينما التزمت جريدة «الاتحاد» الصادرة في أبو ظبي الصمت، جاءت افتتاحية جريدة «الخليج» في الشارقة بمثابة دعوة إلى المطالبة بتعديل القانون الذي استند إليه القرار، واصفة إياه بأنه ينتمي إلى الماضي لا المستقبل الذي تؤسّس عليه الإمارات مشاريعها وتوجهاتها، معتبرةً أنّ «العقوبة الجماعية بتعطيل الصحف انتهت وانقرضت في العالم كلّه». فماذا بالأحرى لو كان هذا القانون يُطبّق في دولة تُعدّ اليوم المركز الإعلامي الرئيسي للخليج والشرق الأوسط؟
وبتنفيذ قرار المحكمة، تكون الإمارات قد وجّهت ضربةً جديدة إلى ما تمثله هذه الصحيفة من توجهات خاصة بإمارة دبي تقضي برفع سقف حرية الصحافة والتمتّع بـ«جرأة نسبية» تمثّلت في تصدّي «الإمارات اليوم» لمواضيع كانت محظورة في ما مضى. ولعلّ أبرز هذه المواضيع كان قضية «البدون» ـــــ الذين لا يحملون جنسية ـــــ وقضايا متعلقة بالفساد المالي و«المحافظ الوهمية»... ويسجّل للجريدة أيضاً خرقها الصفة الرسمية للصحافة الإماراتية التي تفرد صفحاتها لأخبار شيوخ الإمارات في تراتبية مقدسة.
قرار وقف الصحيفة جاء بعد خبر نشرته في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2006 عن وجود منشّطات في خيول تابعة لإسطبلات «ورسان» الإماراتية. وقد رأت فيه المحكمة «تشهيراً» وأصدرت حكمها بناءً عليه. علماً بأنّ ملكية هذه الإسطبلات تعود إلى فردين ينتميان إلى العائلة الحاكمة في أبو ظبي وهما هزّاع بن سلطان بن زايد آل نهيان، وخالد بن سلطان بن زايد آل نهيان... فهل حقاً كان القرار قضائياً أم أنّ استياء العائلة الحاكمة في أبو ظبي أدّى إلى صدور الحكم بوقف الصحيفة؟ وكان العدد الأوّل من «الإمارات اليوم» قد صدر في 19 أيلول (سبتمبر) 2005، ثم أصدرت طبعة خاصة بإمارة أبو ظبي ومدينة العين في مطلع 2008، وتمكّنت في سنوات قليلة أن تتحول مصدراً بارزاً لأخبار الإمارات. ووصفها تقرير صادر عن مؤسسة «إبسوس ستات» العالمية للدراسات العام الماضي بأنّها «الصحيفة الأسرع نمواً» في الإمارات.
من جهتها، رأت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أنّ تعليق صدور الصحيفة يمثّل «ضربةً جدية» لحرية الصحافة في الإمارات. وكانت المنظّمة قد انتقدت سابقاً مشروع قانون جديد في دبي عدّته «تقييداً لحرية التعبير، وتضييقاً على الصحافيين الذين باتوا في حالة قلق وخوف من العقاب الذي قد ينجم عن التحدث ضد مواقف الحكومة.» وتضمّن التقرير عدداً من التوصيات، لتعديل قانون الإعلام بحيث يصبح «متفقاً مع القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يكفل حرية التعبير،» عبر إلغاء القيود على انتقاد الحكومة الإماراتية والسماح بنقاش الأزمة الاقتصادية في الدولة.
وندّدت المنظمة بالمادة الـ32 من مشروع القانون التي تنص على «إمكان فرض غرامات تصل قيمتها إلى خمسة ملايين درهم كعقوبة لكل من تعرض لشخص رئيس الدولة أو نائبه أو كبار المسؤولين في الحكومة».