خليل صويلح
الكتاب الذي صدر في ثمانينيات القرن الماضي، يُمنَع اليوم. الرقيب لم يتغيّر، ولا آليات الرقابة وقوانينها. الحكاية تتعلّق هذه المرّة بأعمال الروائي البريطاني، الهندي الأصل، سلمان رشدي (الصورة). إذ أقدمت «دار التكوين» على ترجمة ثلاثة من أعماله هي «أطفال منتصف الليل»، و«العار» و«غضب» بالاشتراك مع «دار الجمل»، وإذا بها تُفاجأ بمنع هذه الأعمال من التداول.
المستغرب في هذه القضية أنّ روايتي «أطفال منتصف الليل» و«العار» قد تُرجمتا قبل ثلاثة عقود في دمشق، وواحدة منهما، صدرت عن جهة رسمية هي وزارة الثقافة. يقول سامي أحمد، صاحب «دار التكوين» إنّ المشكلة تتعلق باسم سلمان رشدي، لا بأعماله، مشيراً إلى الضجة التي أثارتها روايته «آيات شيطانية» (1988) وأدّت إلى الفتوى الشهيرة بهدر دمه.
ويوضح سامي أحمد أنّ داره كانت في صدد نشر رواية رابعة للكاتب نفسه هي «زفرة العربي الأخيرة»، وخصوصاً أنه حصل على حقوق نشر هذه الأعمال في العالم العربي، مع «دار الجمل».
ما إن هدأت العاصفة حول أعمال سلمان رشدي حتى تفجّرت قضية أخرى، جرت وقائعها في «الهيئة السورية العامة للكتاب». إذ شنت الصحافة الحكومية والخاصة حملة على نشر كتاب «سوريا في رحلات روسية خلال القرن التاسع عشر» الذي يتضمن انطباعات عدد من الرحالة الروس (عرّبه نوفل نيوف وعادل إسماعيل). وكانت ذريعة هذه الأقلام الساخطة أن الكتاب يحتوي على فقرات تسيء إلى بعض الطوائف في سوريا... فما كان من وزارة الثقافة إلا أن سحبت الكتاب من التداول، وأمرت بإتلاف النسخ الباقية. هذه الطريقة في معالجة الكتب التي تثير إشكاليات رقابية، تمارسها وزارة الثقافة للمرة الثانية خلال أشهر. قبل ذلك، نفّذت السيناريو بحذافيره بخصوص كتاب «منصور بن سرجون التغلبي» لمؤلفه جوزف نصر الله، إذ عاجلت إلى سحبه من المكتبات بذريعة مشابهة.
من جهته، نفى وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا وجود رقابة صارمة على الكتاب. وقال في حوار أجراه معه موقع «كلنا شركاء» الإلكتروني: «لا تابوات في الموضوع، بل تابوات في أسلوب التناول».
ولمّح آغا إلى أنّ النقاش الذي يجري حول بعض الموضوعات الإشكالية «ليس بريئاً». إنها نظرية المؤامرة مرةً أخرى!