صوره ملأت الطرقات وأخباره وأغنياته احتلّت الشاشات. بهذه الطريقة شيّع «ملك البوب» أمس إلى مثواه الأخير، في احتفال شعبي حضره عشرات آلاف المعجبين، وعدد من النجوم أبرزهم ليونيل ريتشي وستيفي وندر وماريا كاري
ليال حداد
بعد حياة صاخبة ملأتها الأضواء والشائعات والأسئلة المعلّقة، وموت لفّه الغموض، شُيّع مايكل جاكسون أمس في ولاية لوس أنجليس الأميركية. إذاً، لم يكن أمس، يوماً عادياً بالنسبة إلى محبّي «ملك البوب» والشاشات الأميركية. إذ جنّدت هذه الأخيرة كلّ طاقاتها لمواكبة «اليوم التاريخي» كما أعلنت قناة CNN: صور من الطوّافات، مراسلون منتشرون بين مقبرة «فوريست لون» في هوليوود ـــــ حيث أقيمت مراسم الجنازة العائلية ـــــ وبين قاعة «ستايبلز سنتر» الرياضية التي استقبلت ليلاً مراسم التأبين الشعبية، وحضرها عشرات آلاف الأشخاص، بينهم 17000 فازوا ببطاقات مجانية عبر قرعة على شبكة الإنترنت. حتى إنّ بعض الفائزين عرض بطاقاته للبيع في المزاد العلني على الإنترنت ووصلت قيمتها إلى مئة ألف دولارورغم الطابع الحزين للمناسبة، بدا كلّ شيء استعراضياً في تشييع نجم «تنبّأ» عام 1992 بأنّ جنازته «ستكون أعظم استعراض في العالم. هذا ما أريده، ألعاب نارية وكلّ شيء».
وتفادياً لأي ازدحام، ضربت شرطة لوس أنجليس طوقاً أمنياً وسط الولاية ودعت المعجبين الذين ليس بحوزتهم بطاقات لحضور التأبين الشعبي إلى لزوم منازلهم.
هكذا وفي أيام قليلة، غفر أكثر من مليار مشاهد حول العالم لجاكسون حياته الصاخبة، وانتظروا أمام شاشاتهم نقل وقائع التشييع الذي واكبته وسائل الإعلام العالمية دقيقةً بدقيقة، وخصوصاً «بي بي سي» و«سي أن أن»، مع بثّ أخبار عاجلة وصور مباشرة من مكان التشييع منذ ساعات الصباح الباكر. وتصدّر خبر التشييع عناوين النشرات الإخبارية، حتى قبل الأحداث الأمنية الخطيرة التي تجري حالياً في الصين.
ثمّ حلّت الساعة السادسة وعشر دقائق، وانتقل البثّ المباشر إلى Hall of fame، حيث بدأ أفراد العائلة يصلون إلى مكان الجنازة. لكن رغم أهمية الحدث العائلي، كان تركيز أغلب المحطات في مكان آخر. إذ فضّلت تسليط الضوء على عملية التأبين الشعبي في قاعة «ستايبلز سنتر» التي غصّت بالمعجبين. وحضرته مجموعة كبيرة من النجوم الأميركيين أبرزهم ماريا كاري وليونيل ريتشي وستيفي واندر وكوين لطيفة... فيما كان الغياب الأبرز لصديقته إليزابيث تايلور التي قالت إن مشاعرها لا تساعدها على حضور التشييع.
صور جاكسون كانت في كلّ مكان: على الطرقات، أسفل الشاشات، داخل الاستديوهات...
وفي محاولة للخروج من التغطية الروتينية لحدث تحوّل (ربما) ـــــ بفضل التغطية الإعلامية الكثيفة ـــــ إلى حكاية تحاك حولها القصص والأساطير، استقبلت المحطات مقربين من المغني الراحل مع بثّ أغنيات «ملك البوب» في معظم الأحيان. على «بي بي سي»، أطلّ بيري غوردي، مؤسس شركة «موتاون» للموسيقى الذي اكتشف موهبة جاكسون، كي يتحدّث عن علاقته بـ«ملك البوب»، وينفي عنه تهم الاضطراب النفسي أو الانحراف الجنسي.
على «سي أن أن»، سؤال واحد طُرح على أغلب الضيوف «ما الذي أدى إلى وفاته؟». وطبعاً غابت الإجابات الواضحة: الأدوية، الحزن، الانعزال، الوحدة... غير أنّ أغلب المحطات التي نقلت مراسم التشييع أجمعت على أن الحدث هو بأهمية موت إلفيس بريسلي. وهو ما أكّده الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي قال على «سي أن أن» من موسكو «بالتأكيد كان أحد كبار فناني جيلنا وربما كل الأجيال». وأضاف «كما ألفيس بريسلي وفرانك سيناترا وفرقة «البيتلز»، كان جاكسون جزءاً لا يتجزأ من ثقافتنا». واللافت كان أنّ المحطة الأميركية بثّت تصريحات أوباما عن جاكسون حتى قبل الحديث عن زيارته «التاريخية» إلى روسيا!
وعند الساعة السابعة إلا خمس دقائق، ظهر تابوت جاكسون مغطّى بالورود الحمراء، فانقطع كلام مراسلة CNN تأثّراً. من جهة ثانية، استمرّ تركيز وسائل الإعلام الغربية ـــــ في غياب واضح لكلّ وسائل الإعلام العربية، باستثناء «العربية» التي خصّصت قسماً من نشرتها لموضوع التشييع ـــــ على الجانب الفضائحي من حياة الفنان الراحل. وسلّطت الضوء على غياب زوجته السابقة ديبي رو. واستعادت هذه الوسائل ما جرى تداوله أخيراً عن أنّ طبيب الجلد هو الأب البيولوجي لولدي جاكسون برينس وباريس.