نوال العليكتب الشاعر الإيطالي فيليبو توماسو فارنيتي مانفيستو «المستقبليّة» FUTURISM في جريدة «لوفيغارو» الباريسيّة عام 1909. الوقوف بين عشرات الأعمال المعروضة الآن في «فيلا عودة»، لتأمّل لوحات تحمل توقيع بعض أبرز فناني تلك الحقبة، يجعلنا نفكر في أنّ تيّار «المستقبلية» الذي شمل الفن والأدب والمسرح والهندسة والموضة والرقص والموسيقى... ما زال راهناً... بعد قرن على ولادته.
بمبادرة من السفارة الإيطاليّة في لبنان، يقام المعرض الذي يضمّ أعمالاً لأهمّ مؤسسي الحركة المستقبليّة في بعدها الطليعي والاستشرافي الذي ترك بصماته على تقنيات التواصل والدعاية والإعلان الحديث. بين هؤلاء جيوفاني أكوافيفا، وروبرتو مارشيلو، وإيراس بالديساري، وجياكومو بالا... يُبرز المعرض ما استندت إليه المستقبلية من أنّه لا ينبغي أن يكون هناك تمظهر للزمان أو المكان في الفن. جمعت الأعمال بين اللوحة الكلاسيكية وتصميم الملصقات والتكعيبية وفيها أيضاً شيء من الفن المفاهيمي الحديث نسبياً. الآن يمكن العثور على بيان «المستقبلية» مكتوباً على خلفيّة حمراء فاقعة على صفحات الإنترنت، وما زال هذا الخطاب يغري بالانضمام إلى هذه الحركة. إنها دعوة إلى قراءة البيان مجدداً، واستعادة الصلة بفلسفة الحركة. الصيرورة مكوّن أساسي في هذه الأعمال ذات الألوان القوية، وكلّ العناصر وُظِّفت لتنال من الجمود، وتتفنن في نقل الحركة السريعة. أضواء وضجيج وتعبيرات عن الآلة وجمال التقنية... ألم تترافق تلك الحركة مع الثورة الصناعية والحرب العالمية الأولى مؤسسة لعلاقة نافرة مع تقادم الفن؟ هذا الارتباط بين الثورات التقنية والفنون يحيلنا إلى ارتباط الثورة الرقمية الآن بالفن المعاصر، وهي التي لا تختلف عن مثيلتها الصناعية في ما أحدثته من أثر على الفنّ. وبذلك تحيلنا المستقبلية اليوم إلى حركة الفنون المعاصرة التي لا تزال تثير سجالاً حاداً حتى الآن...


حتى 15 الحالي ـــــ «فيلا عودة» (الأشرفية/ بيروت) ــــ 01/200445