حرام على الشاشة حلال على الشبكةمحمد عبد الرحمن
الانتقادات التي تواجه قنوات mbc بين الحين والآخر لا تقلّل على الإطلاق من المكانة التي تتمتع بها المجموعة الإعلامية العربية الرائدة. لكنّ تلك المكانة تصبح محل تساؤل عند القيام بقراءة متأنية لما ينشر على موقع المجموعة الإلكتروني بعد تطويره، أي قبل ثلاث سنوات تقريباً. لم يكتف الموقع، منذ تطويره، بتوفير المواد الخاصة ببرامج القناة، بل عمل على تقديم مضمون ترفيهي شامل في مجالَين هما الفن والرياضة. لكنّ العمل لم يكن سهلاً، إذ كيف يمكن الكتابة عن مسلسل أو برنامج ناجح على LBC أو «المستقبل»؟ لذا، كان التركيز على نجوم لهم علاقة ـــــ أكان من قريب أم من بعيد ـــــ بالشاشة الفضائية الأولى في العالم العربي. ويبدو أن تلك السياسة المترددة لم تحقّق النجاح المطلوب، رغم أنها كانت تشمل حوارات حصرية وتغطية مهرجانات سينمائية مهمة من خلال مراسل خاص.
غير أنّ هذه السياسة تغيّرت في الأشهر الأخيرة وأصبح اللون الأصفر هو السائد على صفحات MBC الإلكترونية! إذ أصبحت معظم الأخبار المنشورة على الموقع تعاني من خلل مهني واضح، وتركّز خصوصاًَ في عناوينها على الطابع الجنسي، كأن القناة تعوِّض عن سياستها المحافظة من خلال موقعها الذي يتمتّع على ما يبدو بحرّية أكبر.
لكنّها حرّية موجّهة إلى المراهقين، وترسّخ بقوّة قاعدة إثارة الخلاف بين الجمهور العربي بشأن قضايا ليس لها أساس من الصحّة في معظم الأحيان. وكلّما تخطّت التعليقات على الخبر حاجز المئة تعليق، ازدادت أهميته لدى إدارة الموقع مهما كان مضمونه. حتى إنّ الأخبار التي تُنقل من صحف ومجلات أخرى يؤخذ منها فقط الجزء الذي يناسب اللون الأصفر للموقع الشهير. مثلاً ظهرت أخيراً على الموقع مقابلة مع نانسي عجرم تتحدّث فيها عن الرضاعة الطبيعية، كأنّ الأمهات يحتجن إلى نصيحة المغنية الشهيرة في هذا الموضوع. حتى إنّ استبعاد أحد الصحافيين اللبنانيين عن مؤتمر باريس هيلتون في لبنان بسبب سؤاله عن فليمها الإباحي المنتشر، تحوّل هو أيضاً إلى خبر «فضائحي»! هكذا، نشر موقع mbc الخبر تحت عنوان «فيلم إباحي لباريس هيلتون يثير أزمة لبنانية»، ما يوحي للمشاهدين أنّ الفيلم وصل إلى مجلس النواب اللبناني وكان محطّ نقاش محتدم!
كل ذلك يحصل فيما تبقى هوية الموقع غامضةً: هو مع الجنس وضدّه في آن واحد. في موازاة نشره فضائح وأخباراً ذات طابع جنسي، يخصّص الموقع مساحةً مهمّةً لنقل آراء الغاضبين من الفنانات اللواتي يعتمدن على الإغراء. كذلك عرض تقريراً طويلاً لتغطية استياء الجزائريين من رقصات أفريقية يكون راقصوها شبه عراة في مهرجان فني أقيم في العاصمة الجزائرية، مع وضع صورة لراقصة سمراء عارية الصدر، لكن بعد تغطية صدرها بعلامة سوداء.
وامتدت ظاهرة «غياب المهنية» إلى الأخبار الفنية. ولعلّ أبرز هذه الأمثلة ما يتعلق بالحفلة التي أقامها تامر حسني. إذ أعلن الموقع أن عدد الحاضرين تجاوز 140 ألف شخص، علماً بأنه لا وجود لأي مكان يستوعب هذا العدد. ولم يحاول الموقع التدقيق في الرقم أو العودة إلى تقارير صحافية أخرى أكّدت أنّ العدد لم يتجاوز ألفي شخص. لكنّ الخبر الأغرب، كان عن تعرّض أحد المعجبين بحسني للضرب من قبل مرافقي المغني الشاب، حتى أتى هذا الأخير وأنقذه، فما كان من الشاب إلا أن سجَد لـ«نجم الجيل»، وهو ما نفاه حسني، مؤكداً أنّ الشاب سجد للّه شاكراً إياه على نجاته. وفي استغلال غريب لهذه الحادثة، استقبل الموقع عالمَتي دين لإعطاء رأيهما في الحادثة!
والأسوأ كان نقل تصريحات تامر حسني عن مايكل جاكسون من دون التدقيق في صحّة الديو الذي زعم حسني أنّه كان سيقدّمه مع «ملك البوب» الراحل. وتكرر الأمر نفسه مع الفنانة مي عز الدين بعد حضورها مباراة مصر ورواندا في كرة القدم، إذ نُشر تقريران؛ الأول يشير إلى سعادتها بفوز المنتخب رغم خروج خطيبها اللاعب محمد زيدان من الملعب. وبعد ساعات، جاء تقرير آخر يفيد بأنّ عز الدين أصيبت بالإغماء بعد تسجيل زيدان هدفاً خلال الشوط الأول، مع أنّ الكاميرات ركّزت على مي في المدرجات ولم تبرز أي وسيلة إعلامية أخرى خبر تعرّضها للإغماء.


السفّاح وأطفال غزة

رغم التراجع الملحوظ لجماهيرية المسلسلات التركية في الوطن العربي في الفترة الأخيرة، إلا أنّ mbc ـــــ المستورد الأول لتلك المسلسلات ـــــ لا تزال توفّر لها قدراً كبيراً من الدعاية والترويج، لكن بطريقة التعاطي نفسها مع الأخبار العربية، إذ يسيطر المضمون الجنسي على عناوين ملخصات حلقات مسلسل «ميرنا وخليل». فتارة ترفض ميرنا قضاء ليلة الزفاف مع خليل بسبب عقدة زوجها السابق مصطفى، وتارة أخرى نتابع الشكوك في أبوّة «مدحت» لـ«خليل» الذي يؤدي دوره كيفانج تاتليتوغ صاحب شخصية مهنّد الشهيرة في مسلسل «نور». لكنّ التقرير الأبرز عن هذا المسلسل كان من قطاع غزة بعنوان «أطفال غزة خائفون من السفّاح مصطفى» باعتباره، حسب الموقع، أخطر من سفّاحي الدولة العبرية، طبقاً لتصريحات أطفال القطاع!


«آراء» مختلفة