نوال العليقدّم الروائي والقاص المصري حسام فخر قراءات له في حانة «جدل بيزنطي» أول من أمس. يندر أن تتاح فرصة الإصغاء لصوت عربي قادم من نيويورك، حيث يقيم منذ عام 1982، وتجده ما زال مغرقاً في الكلاسيكية والمباشرة. سألناه «ما هي خطوط دفاعه؟» فأجاب «لا هجوم أصلاً». وكان هذا محبطاً قليلاً لمن يتوقع جبلة جديدة لنص مهجّن. استضافة فخر تأتي ضمن «بيروت عاصمة عالمية للكتاب 2009» ومشروعها «بيروت تقرأ عواصم العالم»، إذ دعت «دار الجديد» إلى لقاء أدبي حول «بيروت تقرأ القاهرة».
مذ قدم القاص المصري يوسف إدريس لمجموعته الأولى «البساط أحمدي» وهو يحس بخيبة أمل. هل كان يتوقّع الكاتب الحائز «جائزة سويرس» أن تكون حال القراءة والثقافة في العالم العربي أحسن من حالها في الغناء مثلاً؟ لم يحتف أحد بالقاص الشاب آنذاك سنة 1989. وفي بيروت، كان يقرأ لمجموعة لا تتجاوز عشرة أشخاص. مشهد يذكر بندوة للروائية المصرية أهداف سويف حين قرأت أيضاً في مسرح شبه فارغ!
من مجموعته «حكايات أمينة»، قرأ قصة بعنوان «البغبغان». وأمينة هي جدة الكاتب. ورغم أن الحكايات مختلفة في المجموعة، لكن أمينة هي الشخصية المحورية فيها كلها. روايته الأخيرة «حواديت الآخر» اختطت لنفسها قصة غريبة في قالب تقليدي.
تدور أحداث الرواية في مدينة النحاس، حيث يهاجر الراوي إليها هارباً من حزن أبويه بعد موت شقيقيه، إذ يقرر أن يقتلهما ليخلصهما من الألم، لكنه يتراجع لحظة التنفيذ، فيخرج من المنزل ولا يرجع إليه أبداً. وفي مدينة النحاس المتطورة علمياً، يعيش البطل حالة انفصام، فيبتكر فخر حيلة أدبية في الرواية لترمز إلى هذه الحالة من الاغتراب. وحيلته أن السجون في هذه البلاد المتطورة علمياً لا تحبس الأجساد، بل ابتكر علماءها طريقة لحبس الأرواح وترك الأجساد طليقة. «نستأصل فيها الروح ونسجنها لدينا، ونترك الجسد حراً يعيش في بيته ويتحمل نفقاته بنفسه، وعندما يحل موعد الإفراج، نعيد زرع الروح فيه. مع التأكيد على الحق القانوني والدستوري للسجين في زيارة روحه مرة كل شهر، وعلى أن يخضع السجين إلى كشف سنوي للتأكد من أن جسمه لم يصنع روحاً جديدة».
الآخر هنا لا الغرب ولا الشرق، الآخر عند فخر هو الأنا نفسها. إذ تتطور أحداث الرواية بعد أن يدخل الراوي السجن، فتستأصل روحه. وعندما يحين موعد عودتها، يرفض الجسد قبولها.