بيار أبي صعبمن لا يعرف الاستعراض الشهير الذي يمكن اعتباره الأطول عمراً في تاريخ الميوزيكهول؟ كثيرون شاهدوا الفيلم الذي اقتُبس عنه، وحفظوا أغنياته وربّما بعض خطواته الراقصة... لكنّ قلّة تعرف أن Grease الذي يعتبر اليوم من كلاسيكيات النوع، بعد رواج تجاري وانتشار عالمي، ولد في الأصل عملاً طليعيّاً لم يكن يتوقّع مؤلفاه هذا النجاح الكوني الذي جعله يتفوّق على أعمال أقوى موسيقيّاً مثل «ويست سايد ستوري» (ليونار بيرنشتاين/ جيروم روبينز ــــ ١٩٦١)، أو أغنى استعراضيّاً مثل «شيكاغو» (جون كاندر/ بوب فوس ــــ ١٩٧٥).
الفكرة الأساسيّة ولدت من نقاش في إحدى الحفلات، بين شابين أميركيين متحمّسين هما جيم جاكوبس ووارن كايزي، بحثاً عن تجاوز التجارب السائدة حينذاك في برودواي. راحا يتصوّران ما يمكن أن يكون عليه العمل البديل: موسيقى من أواخر الخمسينيات، تستوحي روح الروك إند رول، قصة تدور في أجواء شبابيّة، تختصرها تسريحة الشعر الشهيرة إلى الوراء، مثبّتة بشحم الـ «بريانتين» الذي أعطى اسمه للاستعراض: «غْريز». كتب الاثنان الموسيقى والأغنيات لنواة عمل قدّم لجمهور صغير في أحد مسارح شيكاغو التجريبيّة. كان ذلك في شتاء ١٩٧١. لكن جاكوبس وكايزي تفاجآ بردود الفعل الإيجابية، وإقبال المشاهدين... ودرّا على المسرح أرباحاً لم يعرفها في تاريخه! هكذا تفرّغ الثنائي لإعداد النسخة النهائيّة من Grease التي افتتحت على الـ Eden Theatre ــــ برودواي، في شباط/ فبراير ١٩٧٢. بعدها بسنوات (١٩٧٨) سينتقل العمل إلى الشاشة مع ثنائي «حمّى ليلة السبت» الشهير: جون ترافولتا وأوليفيا نيوتن ــــ جون...
صيف ١٩٥٩ أوشك على الانتهاء، وجاء وقت الفراق بين داني وساندي، الصبيّة الأوستراليّة التي عاش معها قصّة عابرة. وتشاء المصادفات ألا تعود ساندي إلى بلادها، وأن تلتحق بالثانويّة نفسها التي يدرس فيها داني. كل منهما يروي لرفاقه مغامرات الصيف، من دون أن يعلم أن حبيبه على قيد أنملة منه... ويلتقي الاثنان، لكنّ داني الذي يتزعّم عصابة T-Birds، سيتظاهر أمام رفاقه بالقسوة والرجولة، ولا يستسلم بسهولة لمشاعر الحبّ. انضمام ساندي إلى زمرة Pink Ladies، يجعلها أكثر ثقة بنفسها... وأخيراً يستأنف الحبيبان العلاقة، رغم كل ما يفرّقهما، فيما المواجهات مستمرّة بين جماعة داني وعصابة «العقارب» المنافسة.
عودة ملؤها الحنين إذاً إلى الخمسينيات، بثقافتها وموضتها ومناخاتها، من خلال زمر شبابيّة في أوساط طلاب المرحلة الثانويّة بسراويلهم الضيّقة وشعرهم المصقول بالبريانتين. ومناسبة، الليلة في «مهرجانات بيبلوس»، لاستعادة موسيقى الروك والبوغي ووغي، وأغنيات مثل «لا أريد سواك»، و«ليالي الصيف»، و«غْريز»، و«أنظر إليّ أنا ساندرا دي»... مناخات زاهية، وأغانٍ خالدة، وملابس وديكورات كيتش، مع 30 فنّاناً وفنّانة ينبضون بالحياة. فالطاقة والحيويّة، والرقص والموسيقى، من مقوّمات استعراض Grease الذي تبدو حكايته بحدّ ذاتها في منتهى السذاجة...

من 14 حتى 18 الحالي ـــــ «مهرجان بيبلوس» ـــــ 01/999666