قدّمت الباحثة والصحافيّة الكنديّة، في القدس ورام الله، كتابها «عقيدة الصدمة». ثم زارت حيفا بدعوة من ياعيل ليرر صاحبة «دار أندلس»
حيفا ــــــ غالب كيوان
«المقاطعة لا تهدف فقط إلى إرغام إسرائيل على تطبيق القرارات الدولية وإنهاء الاحتلال، بل إلى الحفاظ على إنسانيتنا وعدم التطبيع مع الموت وتحويل غير الطبيعي إلى طبيعي»، هكذا لخّصت نعومي كلاين أسباب مقاطعتها إسرائيل خلال ندوة أقيمت أخيراً في «قاعة الميدان» في حيفا. الكاتبة الكندية والصحافيّة الاستقصائية والناشطة السياسية التي تُعدّ أحد رموز مقاطعة إسرائيل ومناهضة العولمة، زارت حيفا ضمن ندوة حول كتابها الثاني «عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث» الذي صدر عام 2007. «عقيدة الصدمة» الذي انتقل أيضاً إلى المكتبة العربية (شركة المطبوعات والنشر) تُرجم إلى 25 لغة وصدر بالعبرية عن «دار أندلس» لصاحبتها ياعيل ليرر. وهذه المثقفة والمناضلة الإسرائيليّة هي التي نظّمت زيارة كلاين لحيفا بالتعاون مع مركز «مدى الكرمل» ومركز «عدالة».
بدايةً، قالت كلاين إنّ العنف الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين ليس جديداً، لكن ما يحدث الآن هو الأعنف منذ النكبة. ثم سردت صاحبة No Logo ما شاهدته في غزة ونقلت بعض أصوات الفلسطينيين الذين التقتهم في القطاع أخيراً. «التقينا أنا وزوجي، محمد سراب في مزرعته. وقصته معروفة، فقد كان يقود سيارته مع ولديه عندما فتح عليه الجنود النار من دون سبب، فأصابوه وولديه بجراح خطيرة. توسّل محمد الجنود لمساعدته على إنقاذ ابنه قسام الذي أصيب بصدره، معتقداً أنّ الجنود أطلقوا الرصاص بالخطأ، لكنّهم رفضوا المساعدة. طلب محمد سيارة إسعاف لكنّها لم تتمكن من الحضور إلى المكان بسبب الحواجز. وبعد انتظار 12 ساعة، توفي ابنه قسام بين يديه. وهو الآن يقاوم الجنون من خلال الكتابة. وبما أنّ الورق غير متوافر في غزة بسبب الحصار، فهو يكتب على قصاصات ورق دفتر باربي الصغيرة».
وأشارت كلاين إلى أنّ مقاطعة إسرائيل لا تعني مقاطعة الكتّاب والأكاديميين، بل مقاطعة المؤسّسات الأكاديمية والاقتصادية. وهذا لا يعني عدم زيارة إسرائيل، بل زيارتها بهدف دعم الفلسطينيين، لا التعاطف مع إسرائيل.
وكانت كلاين قد وصلت إلى البلاد قبل أسبوعين حيث زارت غزّة وشاركت في العديد من الفعاليات السياسية الاحتجاجية، مثل التظاهرة الأسبوعية في قرية بلعين ضدّ جدار الفصل العنصري. كما شاركت في ندوة في رام الله حول المقاطعة نظمتها «اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل» ودعت خلالها إلى مقاطعة إسرائيل أكاديمياً.
نديم روحانا، المدير العام لـ«مدى الكرمل» أشار إلى أنّه تم العمل على مشروع الندوة منذ عام بالتنسيق مع ياعيل ليرر التي ترجمت كتاب نعومي وأصدرته. وقال إنّ «زيارة نعومي كلاين حيفا هي استمرار لموقفها المثابر والشجاع وتحليلها الثاقب». وذكر روحانا بأنّ كلاين أعلنت تأييدها لمقاطعة إسرائيل وأن الحديث هو عن مقاطعة المؤسسات لا عن مقاطعة الإسرائيليين كأفراد. لذلك قال في افتتاح الندوة «نرحب بالمشاركين الإسرائيليين وندعوهم إلى حضور برامجنا والاستماع إلى وجهة نظر مختلفة عن وجهات النظر الرسمية والتقليدية». وذكّر روحانا بأنّ كلاين كتبت أن إسرائيل تمارس الأبارتهايد، وأنه من خلال المقاطعة يمكن خلق ديناميكيات شبيهة بتلك التي أدت إلى إسقاط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
في نهاية الندوة، توجّهت كلاين إلى الجماهير العربية واليهودية التي غصّت بها القاعة في حيفا قائلةً: «لا أطلب من الإسرائيليين مقاطعة المنتجات الإسرائيلية. لكن لنتذكّر عمل الطلاب وحثّ مجمعاتهم على مقاطعة صناديق الاستثمارات التي تتعامل مع جنوب أفريقيا. أي انه يجب مقاطعة تلك المؤسسات التي تسهم في نظام الفصل العنصري والاحتلال». كذلك أشارت إلى الربح المادي الذي تجنيه إسرائيل من الاحتلال والعلاقة الوطيدة بين الجيش والدولة وصناعة الأسلحة. «هذا الثالوث يعلن عن حرب غير نهائية، ويدعو إلى حرب مستمرة ويحوّل سياسات الأمن إلى قطاع اقتصادي ربحي».