strong> الحفلة التي من المقرّر أن تقيمها «أوركسترا الديوان الغربي ــ الشرقي» الليلة في رام الله، بقيادة الموسيقي الإسرائيلي، تثير سجالاً واسعاً، ومؤسسات ثقافيّة فلسطينيّة، بينها PACBI، تدعو إلى مقاطعتها...
يبدو أنّ الموسيقي الإسرائيلي دانييل بارنبويم لم يعد مرحّباً به في فلسطين، وخصوصاً بعد مواقفه الملتبسة من العدوان الأخير على غزّة. فقد أثار الإعلان عن الحفلة التي من المفترض أن تحييها، عند السابعة من مساء اليوم، «أوركسترا الديوان الغربي ـــــ الشرقي» في «قصر رام الله الثقافي»، سجالاً واسعاً بين مؤيّد لإقامتها وداعٍ إلى مقاطعتها. تضمّ الأوركسترا التي أسّسها دانييل بارنبويم مع المفكّر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد عام 1999 عازفين عرباً وإسرائيليين، ويقودها الموسيقي الإسرائيلي من أصل أرجنتيني بنفسه، وتتَّخذ من إسبانيا مقرّاً لها. وكان مجلس بلدية رام اللَّه قد رفض تأجير قصر الثقافة لمؤسسة «بارنبويم ـــــ سعيد»، لكنّ المجلس عاد وخضع لضغوط أدَّت إلى موافقته على إقامة الحفلة، ما دفع «بيت الشعر الفلسطيني»، و«الاتِّحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين»، و«الاتِّحاد العام للفنانين التعبيريين»، و«جبهة المثقفين الفلسطينيين»، و«الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل» (www.pacbi.org) إلى إصدار بيان يدعو إلى مقاطعة الحفلة.
وأوضحت الجهات الموقِّعة على البيان أنَّ معارضتها لإقامة هذه الحفلة غير مبنية على رفض هوية بارنبويم الدينية، بل هي موقف سياسي مبني «على انطباق تعريف التطبيع على أهداف المؤسسة وأنشطتها، بما في ذلك حفلة رام الله». وأضاف البيان أنّ «مؤسسة بارنبويم ـــــ سعيد» مشروع فلسطيني ـــــ إسرائيلي مشترك «لا يهدف صراحة إلى مقاومة أو فضح الاحتلال وكلِّ أشكال التمييز والاضطهاد الممارس على الشعب الفلسطيني (...) ويدعو للتغلّب على «الكراهية والعداء بين الشعبين» من خلال الموسيقى والحوار، من دون ذكر الاحتلال والعنصرية الممارسة بحقّ الشعب الفلسطيني».
وأشار الموقّعون على البيان إلى أنّ «أوركسترا الديوان الغربي ـــــ الشرقي» تسعى للمزج بين تعليم الموسيقى والتفاهم المتبادل بين شعوب «متنافسة تاريخياً»، كما تروّج لنفسها لا كمشروع موسيقي فقط، بل أيضاً كـ«منتدى للحوار والتأمل في المشكلة الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية». وكان بارنبويم قد صرّح بعد حفلة قدّمها في العاصمة الفرنسية في 25 آب/ أغسطس) 2008 بنيّته زيارة فلسطين قائلاً: «لن أشعر بالرضى إلَّا عندما تتمكَّن أوركسترا الديوان الشرقي ـــــ الغربي من تقديم الحفلات في بيروت وغزّة، وحتى في طهران... ساعدونا!». وكان بارنبويم قد منح الجنسية الفلسطينية من حكومة «حماس» في حزيران (يونيو) 2007، بسبب مواقفه المتشدّدة ضدّ الممارسات الإسرائيلية المتعاقبة بحقّ الفلسطينيين (راجع «الأخبار» عدد الثلاثاء ٢٥ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٠٨).
لكنّ الموقّعين على البيان رأوا أنَّ مواقف الموسيقي «تتماهى مع الثقافة الصهيونية السائدة في إسرائيل. وقد حاول تسويقها منذ قرابة عقدين بغطاء السعي إلى «ثقافة السلام»، من دون ذكر العدالة وحقِّ شعبنا في تقرير مصيره (...) إضافةً إلى دفاعه عن قادة الحركة الصهيونية، وعلاقته المتميِّزة ببعضهم من أمثال بن غوريون، ودفاعه عن «حقِّ إسرائيل البديهي في الدفاع عن نفسها»، وترديده للبروباغندا الإسرائيلية الرسمية التي فرّقت بين الشعب والمقاومة أثناء العدوان الإسرائيلي على غزَّة».
ورأى الموقّعون أنَّ زيارة بارنبويم وفرقته لرام اللَّه، وإقامتهم حفلة فيها «بتغطية من بعض المؤسسات الرسمية والأهلية فيها، من شأنهما إضعاف جبهة مقاومة التطبيع وجهود المقاطعة على المستوى العربي، وكل الذين رفضوا ويرفضون أشكال التطبيع كلها، وقد أمسكوا عن التعاطي مع «أوركسترا الديوان الغربي ـــــ الشرقي» منذ تأسيسها. لن تكون هذه الزيارة الأولى التي يزور فيها بارنبويم فلسطين، لكنّ حفلته هذه المرّة تشوبها التباسات عديدة بشأن مواقفه المستجدّة، وخصوصاً بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزّة.