سناء الخوري
تتوالى صور الأطفال المقطّعي الأطراف في الشريط الوثائقي «حرب الـ 34 يوماً»، كأنّها ومضات. صوت المخرجة كارول منصور (1961) يعقِّب على الوثائق المصوّرة بصيغة المتكلِّم أحياناً. بين صور فوتوغرافيّة لدمار وجثث، نتابع شهادات بالصورة والصوت يحكيها الجرحى في المستشفيات وذوو البيوت المدمَّرة. هنا، يحدّثنا رجل وسط بيته المتهاوي: «ليش بتعمل معنا هيك إسرائيل... ولادهن مش أحسن من ولادنا... شو يعني ولادهن خلقو من «بيبسي كولا» ونحنا ولادنا خلقو من الوحل؟ أو نحنا من تراب وهنّي من «أسبيرين»؟» بهذه المشاهد التي نستعيد هذه الأيّام ذكرياتها الأليمة، اختتم «مهرجان سولي لونا للأفلام الوثائقيّة» في باليرمو (جنوب إيطاليا)، مانحاً كارول منصور (الصورة) جائزة لجنة التحكيم عن عملها. 27 دقيقة اختصرت فيها صاحبة Maid in Lebanon (عن العبوديّة الحديثة التي تعيشها خادمات المنازل في لبنان) حرباً خلَّفت أكثر من ألف قتيل وأربعة آلاف جريح ومليون مشرّد.

فيلمها عن العدوان حاز إحدى جوائز «مهرجان سولي لونا للأفلام الوثائقيّة» في إيطاليا
في حفلة ختام المهرجان المعني بتسليط الضوء على أعمال حول الشرق والإسلام، احتشد مشاركون من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبلجيكا وسلوفاكيا وسوريا وإسرائيل. وقفت منصور بينهم تقول: «أصبح من غير المسموح به، ونحن في 2009، أن ترتكب جرائم حرب على مرأى منَّا جميعاً». تخبرنا المخرجة: «كان يُفترض أن تتبع عرض فيلمي وكلمتي وصلة موسيقيّة لعازف إسرائيلي. ارتبك الرجل كثيراً». ثمّ تضيف بزهو: «كان الموقف قوياً وجميلاً»، إذ خجل ذلك الإسرائيلي من الوقوف على المسرح، فيما كانت المخرجة اللبنانيّة تتلقّى الثناء من الحاضرين.
هذه هي المرّة الثانية التي يفوز فيها الشريط بجائزة، بعدما نال عام 2007 جائزة «مهرجان نيوزيلندا الدولي للأفلام الوثائقيّة». «لا تهمّني الجوائز صراحةً ـــــ تقول كارول ـــــ بقدر ما أقدّر جرأة لجان التحكيم على استضافتها لفيلم يروي الهمجيّة الإسرائيليّة». صوِّر الشريط خلال حرب تمُّوز 2006 في بيروت والضاحية، وفي الجنوب في اليوم الأول الذي أعقب وقف إطلاق النار. وقد شاركت أميرة الصلح في كتابة النصّ مع منصور. نسأل هذه الأخيرة لماذا ضمّنت شريطها هذا الكمّ من الصور المفجعة؟ هل تعمّدت «إثارة الشفقة»؟ وهل وصلت الرسالة السياسيّة من خلالها؟ تقول: «إنّها صور حقيقية: هذا ما حدث بالفعل. على العالم أن يرى...».