حين اطمأنّ النجوم السوريّون إلى توافر الأموال لتحقيق مسلسلاتهم وفق رؤيتهم الخاصّة، ها هو رأس المال يتحكّم بأعمالهم ويفصّلها على مقاسه
وسام كنعان
الحديث عن القفزات النوعية التي حقّقتها الدراما السوريّة، لا بد من أن يمرّ برأس المال الذي يقف وراء تمكين هذه الدراما من صناعة أعمال ضخمة، سواء معاصرة أم تاريخيّة. اليوم تبدو المفارقة مدهشة. لا وجود لشركات سورية تنتج أعمالها بنفسها، سوى واحدة أو اثنتين، فيما تلعب بقية الشركات دور المنتج المنفّذ لرأس المال الخليجي ومحطاته. أمّا أصحاب المال ففهموا أصول اللعبة وأدركوا أنّ مجتمعاً تحكمه قيود حديدية، عاجز عن إنتاج دراما تستطيع دخول سوق المنافسة. هكذا، اختاروا أن ينفّذوا مخططاتهم الإنتاجية عبر دراما لمسوا تطورها السريع، وامتلاكها نجوماً حققوا حضوراً على المستوى العربي والعالمي أحياناً مثل النجم غسان مسعود. وبعد إغلاق «الشام الدولية» التي كانت أهمّ شركة إنتاج سورية، وجد المنتج الخليجي الفرصة

الأعمال البدوية استقطبت مخرجين كباراً بينهم حاتم علي
سانحةً لتمويل أعمال سورية وفق رؤية صنّاعها كخطوة مبدئية، فاطمأن الوسط الفني السوري لتوافر بحر من الأموال ترفد صناعته. إلا أنّ المسألة لن تطول، وها هو رأس المال الخليجي يتحكّم بنوعية الأعمال التي تقدّمها الدراما السورية، ليصدِّر فيها ثقافته الخاصّة. هكذا، سيكتب نصوص المسلسلات أحياناً شيوخ قبائل! أما الدليل فهو ما أنتجته الدراما السورية في رمضان 2008 من أعمال بدوية استقطبت مخرجين مهمّين بينهم حاتم علي مع «صراع على الرمال»، والليث حجو مع «فنجان الدم». علماً بأنّ المسلسل الأخير مُنع من العرض العام الماضي، وسيُقدّم هذه السنة على mbc.
الكاتب نجيب نصير يرى أنّ «رأس المال الخليجي في الدراما السوريّة لا يبدو مغرضاً، إلا بقدر ما أفصحَ عنه المنتج حسن عسيري لجريدة «الوطن» السعودية، إذ اتهم السوريين بالنوم على حرير، وصرّح بأنّ هناك خططاً من أجل صناعة الدراما حيث لا دور للسوريين فيها إلا دور المنفّذ لا أكثر». ويضيف نصير: «اليوم في سوريا لا رأسمال محلياً لإنتاج الدراما، وهذا عائد إلى مسألتين هما محور هذه الصناعة: الأولى غياب محطات تستطيع منافسة المحطات الأخرى. وهذه النقطة مناقضة لحضور صناعة درامية قادرة على جذب الإعلان الذي يمثّل المسألة الثانية في الموضوع. كما بدا كأنّ صنّاع الدراما السوريين يبذلون جهدهم كي يحصلوا على أموال تحميهم كأفراد فقط. ويكفينا «باب الحارة» مثالاً على صراع المال بحيث يُخرَج أبطال العمل ويُستبدلون وتُصنع بهم المعجزات. وقد بدا العالم لصنّاع هذه الدراما محدوداً في الخليج».
يثبت بالشكل القاطع مدى تحكّم المال الخليجي بالدراما السورية. لكن ماذا عن الدراما المصرية (راجع المقال أدناه) التي بدأ يخفت بريقها، فتهافتت على النجوم السوريين؟ إذ أثيرت شكوك في الغاية الحقيقة وراء استقطاب صنّاع الدراما المصرية، للنجوم السوريين وإعطائهم الأجور التي طلبوها من دون نقاش. ما دفع بعض النقاد إلى اتهام الدراما المصرية، بأنها تسعى إلى إفراغ الساحة الفنية السورية من نجومها، بهدف التفوق عليها مجدداً، وهو ما يخالفه نجيب نصير. إذ يرى أنّ الفنان السوري انتقل للعمل في مصر بعدما أثبت جدارةً خوّلته الخروج من نطاق بلده.