زياد عبد اللهDoubt (شك) الذي نزل إلى الأسواق اللبنانية على DVD، ولم تعرضه الصالات تجنّباً لمشاكل ممكنة مع السلطات الكنسيّة. الفيلم الذي أخرجه وكتبه جون شانلي مقتبس عن مسرحية كتبَها وقدّمها على مسارح «برودواي». وهو يقوم على مفارقة تتمثل بأنّ هذا الشك محصور في مساحة يُفترض أنها تحتكم إلى الإيمان فقط، في إطار الكنيسة الكاثوليكية عبر قصّة مدرسة في نيويورك تابعة لها. أما الصراع فسيكون بين مديرة المدرسة الراهبة ألوسيوس (ميريل ستريب) ورئيسها الأب فلين (فيليب سيمور هوفمان).

فيلم عن فلسفة البراءة و«أصوليّة» الإيمان
يبدأ السيناريو من خطبة الكاهن التي تحدد الفترة الزمنية للفيلم، وتأتي بعد اغتيال الرئيس كينيدي. هذا الحدث فتح الباب أمام شك الناس، أو انعدام اليقين حسبما يقول الكاهن... لكنّه يضيف أنّ الشك يمتلك قدرة التحول إلى يقين. هذه البداية تختصر حالة ملتبسة ستتكرّر طوال الفيلم، إذ نتعرف إلى شخصية الراهبة ألوسيوس الصارمة التي تقف ضد الزمن، فتمنع الطلاب من استخدام أقلام الحبر! بينما ترزح تحت سلطتها الراهبة جايمس (آمي آدامز) أستاذة التاريخ ذات الشخصيّة الضعيفة. الكاهن فلين هو نقيض الأخت ألوسيوس، يرفض أن يفضي هاجس الفضيلة إلى عدم التسامح، ويسعى ليكون عصرياً ومتناغماً مع تقدم المجتمع، يدخن ويشرب ويترك أظفاره طويلة. لكنّ الصدام مع ألوسيوس سرعان ما يقع... تحت راية الشك. وهذا الشكّ يبدأ حين تبوح جايمس لألوسيوس بأنها تشك بأنّ الكاهن تحرّش بدونالد الطالب الزنجي الوحيد في مدرسة طلابها من أصول إيطالية وإيرلندية.
من هنا، تبدأ لعبة الفيلم، وما نشاهده سيكون مدعاة للشك. هكذا، ستبني ألوسيوس كل شيء على افتراضات، مصممةً على التخلّص من الكاهن، من دون التأكّد إذا كان تحرّش حقاً بدونالد. وحين تهدده بفضح ماضيه، يستقيل من منصبه، رغم أنها تعترف لجايمس في النهاية بجهلها التام بماضيه. ويزداد الأمر تعقيداً حين تعترف لها والدة دونالد بمثلية ابنها.
ينتهي الفيلم بالراهبة ألوسيوس، تعترف لجايمس بأنّها صارت تشك أيضاً، من دون أن نعرف ما الذي تشك به: إيمانها بالرب أو اقتناعاتها السابقة بتورّط الكاهن؟ ويمكن إضافة أنواع كثيرة من الشك، تبلغ عدد الأوسكارات الخمس التي رُشِّح إليها الشريط. ويبقى الحوار أقوى ما في الفيلم، ولعل كونه مأخوذاً عن مسرحية سبب كافٍ لذلك، فالمسرح هو فن الحوار.