غلب العنف بمختلف أشكاله على مختلف الأعمال، وسقط عادل إمام سقطة مدوّية في «بوبوس» الذي بلغ أحياناً حدّ البذاءة
القاهرة ــ محمد خير
موسم الصيف السينمائي القاهري لم ينته بعد، إلا أنّ المنافسة وحسابات الربح والخسارة لن تتغيّر في الأسابيع الثلاثة الباقية. ولن تشهد الأيام المقبلة سوى مزيد من الإيرادات لفيلم أحمد حلمي «1000 مبروك» الذي نزل الشاشات متأخراً، ليقلل الخسائر الفادحة للموسم الحار الذي تنافست خلاله 10 أفلام من أصل 12 كان يفترض عرضها.
في ظل الطبيعة غير المستقرة لصناعة السينما المصرية، يبدو لكل موسم خصائصه التي يندر تكرارها ويصعب توقعها. وإذا كانت توقعات هذا الموسم تركزت حول الأزمة المالية التي تبعها رعب أنفلونزا الخنازير، فقد كان مفاجئاً أن الشكوى الرئيسة للمنتجين والموزعين لم تأت من هذه ولا تلك. بل جاءت من اتجاه ثالث هو ظاهرة قرصنة الأفلام التي زادت وتيرتها إلى حد غير مسبوق وتعددت المواقع التي «تتبرع» بعرضها على الإنترنت مجاناً في نفس توقيت عرض الفيلم في الصالات.
قرصنة الأفلام وقصر مدة الموسم الذي انحشر بين امتحانات الثانوية وشهر رمضان، وكأس القارات لكرة القدم التي تخللت الموسم القصير... كل ذلك جعل إيرادات الأفلام مجتمعة تقلّ عن ثلثي الأموال التي ضُخّت في إنتاجها، وهي خسارة فادحة لا يقلل منها سوى أنّ معظم تلك الأفلام مَبيعة سلفاً إلى قنوات فضائية.
غير أن حديث الإيرادات لا يختصر موسم الصيف الجاري. الملاحظ أنّ صفحات النقد السينمائي نشطت هذا العام، بأكثر مما فعلت منذ سنوات، حين لم يكن هناك أكثر من فيلم واحد أو اثنين يستحقان النقاش. لكنّ الموسم الحالي شهد أفلاماً تحلّت بمستويات فنيّة معقولة. وليس هناك من أمر ذي دلالة أكثر من تقديم المخرج يسري نصر الله لأول مرة فيلمين في عامين متتاليين. بعد «جنينة الأسماك»، تعاون للمرة الأولى مع وحيد حامد، شيخ كتّاب السيناريو حالياً في مصر. عالمان مختلفان جداً، أنتجا «احكي يا شهرزاد» الذي أثار جدلاً فكرياً وسينمائياً. رأى بعضهم أنّ الفيلم جاء أقل مما توقّعوه من ذلك التعاون الفني، لكنه يبقى فيلماً يتخطّى المعايير التجارية المعهودة للسينما المصرية. وهي بالتأكيد المرة الأولى التي تمتلئ بها القاعات في فيلم ليسري نصر الله.

«احكي يا شهرزاد» أثار جدلاً فكرياً وسينمائياً
وفي وقت انقسم فيه النقاد حول «إبراهيم الأبيض» لمروان حامد، فإنّ أحداً لم ينكر المستوى الرفيع للصورة السينمائية في الفيلم، فضلاً عن الأداء المتميز لمحمود عبد العزيز وعمرو واكد. وأشاد اثنان من النقاد المصريين المعروفين (سمير فريد وكمال رمزي) بفيلم «الفرح» لسامح عبد العزيز. أثبت هذا الأخير، مع فريق العمل نفسه (أحمد عبد الله كاتباً، وأحمد السبكي منتجاً) أنّهم قادرون ـــــ للمرة الثانية بعد «كباريه» في العام الماضي ـــــ على الإتيان بسينما تجارية وجيدة في آن.
على صعيد مختلف، ورغم الانتقادات الكبيرة التي وجهت إلى فيلم «دكان شحاتة»، إلا أنه وجد مَن دافع عنه ولو على مستوى الأفكار. وظل خالد يوسف رقماً صعباً وخاصةً على المستوى الجماهيري. بينما استطاع فيلم «بدل فاقد»، وهو الأول للمخرج أحمد علاء أن يمر بنعومة نقدياً وجماهيرياً، فحقّق على المستويين نجاحاً متوسطاً.
في ظل ما سبق، وفي أجواء ناقش فيها النقد أسباب غلبة العنف بأنواعه الأسرية والعشوائية والبوليسية على أفلام الموسم، كان لافتاً أن عادل إمام ـــــ بفيلمه «بوبوس» ـــــ كان بعيداً جداً عن منافسة أحمد حلمي أو حتى تامر حسني! لقد سقط «الزعيم» تماماً، بينما ارتقى حلمي سلّم الإيرادات آملاً بتجاوز فيلم تامر «عمر وسلمى 2» الذي تخطى 22 مليون جنيه (4 ملايين دولار). ورغم الكفاءة المعروفة عن المخرج وائل إحسان، بدا «بوبوس» خالياً من الفن والمعنى معاً. وبدت مشاهده اسكتشات ثقيلة الظل، ومكررة بل بذيئة أحياناً. ولم يحقق الفيلم في أسابيعه الأولى أكثر من خمسة ملايين جنيه، وهو رقم هزيل جداً، استطاع النجم الصاعد أحمد مكي أن يتخطاه في أسبوعه الأول مع فيلمه «طير إنت» للمخرج أحمد الجندي.